الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  9 1 - حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا أبو عامر العقدي، قال: حدثنا سليمان بن بلال، عن عبد الله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الإيمان بضع وستون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  قال الشيخ قطب الدين: هذا متعلق بالباب الذي قبله، وهو أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص. وجه الدليل أن الشرع أطلق الإيمان على أشياء كثيرة من الأعمال كما جاء في الآيات والخبرين اللذين ذكرهما في هذا الباب بخلاف قول المرجئة في قولهم: إن الإيمان قول بلا عمل، قلت: لا يحتاج إلى هذا الكلام، وإنما هذا الباب والأبواب التي بعده كلها متعلقة بالباب الأول مبينة أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص على ما لا يخفى.

                                                                                                                                                                                  (بيان رجاله) وهم ستة:

                                                                                                                                                                                  الأول: أبو جعفر عبد الله بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن اليمان بن أخنس بن خنيس الجعفي البخاري المسندي بضم الميم وفتح النون، وهو ابن عم عبد الله بن سعيد بن جعفر بن اليمان، واليمان هذا هو مولى أحد أجداد البخاري ولاء إسلام، سمع وكيعا وخلقا، وعنه الذهلي وغيره من الحفاظ، مات سنة تسع وعشرين ومائتين. انفرد البخاري به عن أصحاب الكتب الستة، وروى الترمذي عن البخاري عنه.

                                                                                                                                                                                  الثاني: أبو عامر عبد الملك بن عمرو بن قيس العقدي البصري، سمع مالكا وغيره. وعنه أحمد واتفق الحفاظ على جلالته وثقته، مات سنة خمس، وقيل: أربع ومائتين.

                                                                                                                                                                                  الثالث: أبو محمد أو أبو أيوب سليمان بن بلال القرشي التيمي المدني، مولى آل الصديق، سمع عبد الله بن دينار وجمعا من التابعين، وعنه الأعلام كابن المبارك وغيره.

                                                                                                                                                                                  وقال محمد بن سعد: كان بربريا جميلا حسن الهيئة عاقلا، وكان يفتي بالبلد، وولي خراج المدينة ومات بها سنة اثنتين وسبعين ومائة، وقال البخاري عن هارون بن محمد: سنة سبع وسبعين ومائة، وليس في الكتب الستة من اسمه سليمان بن هلال سوى هذا.

                                                                                                                                                                                  الرابع: أبو عبد الرحمن عبد الله بن دينار أخو عمرو بن دينار القرشي العدوي المدني، مولى ابن عمر، سمع مولاه وغيره. وعنه ابنه عبد الرحمن وغيره، وهو ثقة باتفاق، مات سنة سبع وعشرين ومائة.

                                                                                                                                                                                  وفي الرواة أيضا: عمرو بن دينار الحمصي ليس بالقوي وليس في الكتب الستة عمرو بن دينار غيرهما.

                                                                                                                                                                                  الخامس: أبو صالح [ ص: 124 ] ذكوان السمان الزيات المدني، كان يجلب السمن والزيت إلى الكوفة، مولى جويرية بنت الأحمس الغطفاني، وفي شرح قطب الدين: إنه مولى جويرة بنت الحارث امرأة من قيس، سمع جمعا من الصحابة وخلقا من التابعين. وعنه جمع من التابعين، منهم: عطاء. وسمع الأعمش منه ألف حديث، وروى عنه أيضا بنوه: عبد الله، وسهيل، وصالح. واتفقوا على توثيقه، مات بالمدينة سنة إحدى ومائة، وأبو صالح في الرواة جماعة قد مضى ذكرهم في الحديث الرابع من باب بدء الوحي.

                                                                                                                                                                                  السادس: أبو هريرة، اختلف في اسمه واسم أبيه على نحو ثلاثين قولا، وأقربها عبد الله أو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، وهو أول من كني بهذه الكنية لهرة كان يلعب بها، كناه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وقيل: والده. وكان عريف أهل الصفة، أسلم عام خيبر بالاتفاق وشهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن عبد البر: لم يختلف في اسم أحد في الجاهلية ولا في الإسلام كالاختلاف فيه، وروي أنه قال: كان يسمى في الجاهلية عبد شمس، وسمي في الإسلام عبد الرحمن، واسم أمه ميمونة، وقيل: أمية. وقد أسلمت بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أبو هريرة: نشأت يتيما وهاجرت مسكينا، وكنت أجيرا لبسرة بنت غزوان خادما لها، فزوجنيها الله تعالى، فالحمد لله الذي جعل الدين قواما وجعل أبا هريرة إماما، قال: وكنت أرعى غنما وكان لي هرة صغيرة ألعب بها فكنوني بها، وقيل: رآه النبي صلى الله عليه وسلم وفي كمه هرة، فقال: يا أبا هريرة. وهو أكثر الصحابة رواية بإجماع، روي له خمسة آلاف حديث وثلاثمائة وأربعة وسبعون حديثا اتفقا على ثلاثمائة وخمسة وعشرين. وانفرد البخاري بثلاثة وتسعين، ومسلم بمائة وتسعين.

                                                                                                                                                                                  روى عنه أكثر من ثمانمائة رجل من صاحب وتابع، منهم: ابن عباس وجابر وأنس. وهو أزدي دوسي يماني ثم مدني، كان ينزل بذي الحليفة بقرب المدينة، له بها دار تصدق بها على مواليه، ومن الرواة عنه ابنه المحرر بحاء مهملة ثم راء مكررة. مات بالمدينة سنة تسع وخمسين، وقيل: ثمان، وقيل: سبع. ودفن بالبقيع وهو ابن ثمان وسبعين سنة، والذي يقوله الناس: إن قبره بقرب عسقلان، لا أصل له، فاجتنبه. نعم، هناك قبر خيسعة بن جندرة الصحابي، وأبو هريرة من الأفراد ليس في الصحابة من اكتنى بهذه الكنية سواه، وفي الرواة آخر اكتنى بهذه الكنية يروي عن مكحول، وعنه أبو المليح الرقي لا يعرف، وآخر اسمه محمد بن فراش الضبعي روى له الترمذي وابن ماجه، مات سنة خمس وأربعين ومائتين. وفي الشافعية: آخر اكتنى بهذه الكنية، واسمه ثابت بن شبل، قال عبد الغفار في حقه: شيخ فاضل مناظر.

                                                                                                                                                                                  (بيان الأنساب)

                                                                                                                                                                                  الجعفي في مذحج، ينسب إلى جعفي بن سعد العشيرة بن مالك، ومالك هو جماع مذحج، والعقدي نسبة إلى العقد بالعين المهملة والقاف المفتوحتين، وهم قوم من قيس وهم بطن من الأزد، كذا في التهذيب، وتبعه النووي في شرحه وفي شرح قطب الدين أن العقد بطن من نخيلة، وقيل: من قيس بالولاء، قال أبو الشيخ الحافظ: إنما سموا عقدا لأنهم كانوا لئاما، وقال الحاكم: العقد مولى الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، وقال صاحب العين: العقد قبيلة من اليمن من بني عبد شمس بن سعد، وقال الرشاطي: العقدي في قيس بن ثعلبة، وحكى أبو علي الغساني عن أبي عمر قال: العقديون بطن من قيس، والمسندي بضم الميم وسكون السين المهملة وفتح النون هو عبد الله بن محمد شيخ البخاري، سمي بذلك لأنه كان يطلب المسندات ويرغب عن المرسل والمنقطعات.

                                                                                                                                                                                  وقال صاحب الإرشاد: كان يتحرى المسانيد من الأخبار، وقال الحاكم أبو عبد الله: عرف بذلك لأنه أول من جمع مسند الصحابة على التراجم بما وراء النهر، والتيمي في قبائل، ففي قريش تيم بن مرة، وفي الرباب تيم بن عبد مناة بن أد بن طابخة، وفي النمر بن قاسط تيم الله بن النمر بن قاسط، وفي شيبان بن ذهل تيم بن شيبان، وفي ربيعة بن نذار تيم الله بن ثعلبة، وفي قضاعة تيم الله بن رفيدة، وفي ضبة تيم بن ذهل، والعدوي نسبة إلى عدي بن كعب وهو في قريش، وفي الرباب عدي بن عبد مناة، وفي خزاعة عدي بن عمرو، وفي الأنصار عدي بطن بن النجار، وفي طيئ عدي بن أخرم، وفي قضاعة عدي بن خباب والدوسي في الأزد، ينسب إلى دوس بن عدنان بن عبد الله.

                                                                                                                                                                                  (بيان لطائف إسناده)

                                                                                                                                                                                  منها الإسناد كلهم مدنيون إلا العقدي فإنه بصري وإلا المسندي، ومنها أن كلهم على شرط الستة إلا المسندي كما بيناه، ومنها أن فيه رواية تابعي عن تابعي وهو عبد الله بن دينار عن أبي صالح.

                                                                                                                                                                                  (بيان من أخرجه غيره)

                                                                                                                                                                                  أخرجه مسلم عن عبيد الله بن سعيد، وعبد بن حميد عن العقدي به، ورواه أيضا عن زهير [ ص: 125 ] عن جرير، عن سهل بن عبد الله، عن ابن دينار عنه. ورواه بقية الجماعة أيضا، فأبو داود في السنة، عن موسى بن إسماعيل، عن حماد، عن سهيل به. والترمذي في الإيمان، عن أبي كريب، عن وكيع، عن سفيان، عن سهيل به.

                                                                                                                                                                                  وقال: حسن صحيح، والنسائي في الإيمان أيضا عن محمد بن عبد الله المحرمي، عن أبي عامر العقدي به، وعن أحمد بن سليمان، عن أبي داود الحفري، وأبي نعيم كلاهما عن سفيان به، وعن يحيى بن حبيب بن عربي، عن خالد بن الحارث، عن ابن عجلان عنه ببعضه: الحياء من الإيمان. وابن ماجه في السنة، عن علي بن محمد الطنافسي، عن وكيع به، وعن عمرو بن رافع عن جرير به، وعن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي جمال الأحمر، عن ابن عجلان نحوه.

                                                                                                                                                                                  (بيان اختلاف الروايات)

                                                                                                                                                                                  كذا وقع هنا من طريق أبي زيد المروزي " الإيمان بضع وستون شعبة "، وفي مسلم وغيره من حديث سهيل، عن عبد الله بن دينار " بضع وسبعون أو بضع وستون "، ورواه أيضا من حديث العقدي عن سليمان " بضع وسبعون شعبة "، وكذا وقع في البخاري من طريق أبي ذر الهروي، وفي رواية أبي داود والترمذي وغيرهما من رواية سهيل " بضع وسبعون " بلا شك، ورجحها القاضي عياض ، وقال: إنها الصواب، وكذا رجحها الحليمي وجماعات منهم النووي لأنها زيادة من ثقة فقبلت وقدمت، وليس في رواية الأقل ما يمنعها، وقال ابن الصلاح: الأشبه ترجيح الأقل لأنه المتيقن والشك من سهيل كما قاله البيهقي، وقد روي عن سهيل عن جرير " وسبعون " من غير شك، وكذا رواية سليمان بن بلال في مسلم، وفي البخاري " بضع وستون "، وقال ابن الصلاح في البخاري في نسخ بلادنا: إلا ستون، وفي لفظ لمسلم، فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان، وفي لفظ ابن ماجه: فأرفعها، ولفظ اللكائي " أدناها إماطة العظم عن الطريق "، وفي كتاب ابن شاهين " خصال الإيمان أفضلها قول لا إله إلا الله "، وفي لفظ الترمذي " بضع وسبعون بابا "، وقال: حسن صحيح، ورواه محمد بن عجلان، عن عبد الله بن دينار، عن أبي صالح " الإيمان ستون بابا أو سبعون أو بضع " واحد من العددين، ورواية قتيبة، عن بكر بن مضر، عن عمارة بن عربة، عن أبي صالح " الإيمان أربع وستون بابا "، ومن حديث المغيرة بن عبد الله بن عبيدة، قال: حدثني أبي، عن جدي، وكانت له صحبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الإيمان ثلاثة وثلاثون شريعة، من وافى الله بشريعة منها دخل الجنة "، وفي كتاب ابن شاهين من حديث الإفريقي، عن عبد الله بن راشد مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم " إن بين يدي الرحمن عز وجل لوحا فيه ثلاثمائة وتسع عشرة شريعة يقول عز وجل: ولا يجيبني عبد من عبادي لا يشرك بي شيئا فيه واحدة منهن إلا أدخلته الجنة "، ومن حديث عبد الواحد بن زيد، عن عبد الله بن راشد، عن مولاه عثمان رضي الله عنه: سمعت أبا سعيد رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن بين يدي الرحمن عز وجل لوحا فيه ثلاثمائة وتسع عشرة شريعة، يقول عز وجل: لا يجيئني عبد من عبادي لا يشرك بي شيئا فيه واحدة منها إلا أدخلته الجنة "، ومن حديث عبد الواحد بن زيد، عن عبد الله بن راشد، عن مولاه عثمان رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: " إن لله تعالى مائة خلق، من أتى بخلق منها دخل الجنة "، قال لنا أحمد: سئل إسحاق: ما معنى الأخلاق؟ قال: يكون في الإنسان حياء، يكون فيه رحمة، يكون فيه سخاء، يكون فيه تسامح.. هذا من أخلاق الله عز وجل.

                                                                                                                                                                                  وفي كتاب الديباج للخيلي من حديث نوح بن فضالة، عن مالك بن زياد الأشجعي: " الإسلام ثلاثمائة وخمسة عشر سهما، فإذا كان في.... جاء، فقال: اللهم أنت السلام، وإنما الإسلام من جاء متمسكا بسهم من سهامي فأدخله الجنة ".

                                                                                                                                                                                  قال رستة: حدثنا ابن مهدي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن صلة، عن حذيفة: الإسلام ثمانية أسهم: الإسلام سهم، والصلاة سهم، والزكاة سهم، وصوم رمضان سهم، والحج سهم، والجهاد سهم، والأمر بالمعروف سهم، والنهي عن المنكر سهم، وقد خاب من لا سهم له ".

                                                                                                                                                                                  (بيان اللغات)

                                                                                                                                                                                  قوله " بضع " ذكر ابن البناني في (الموعب) عن الأصمعي: البضع مثال علم ما بين اثنين إلى عشرة [ ص: 126 ] واثني عشرة إلى عشرين فما فوق ذلك، يقال: بضعة عشر في جمع المذكر وبضع عشرة في جمع المؤنث، قال تعالى: في بضع سنين ولا يقال: في أحد عشر ولا اثني عشر، إنما البضع من الثلاث إلى العشر.

                                                                                                                                                                                  وقال صاحب العين: البضع سبعة، وقال قطرب: أخبرنا الثقة، " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: في بضع سنين ما بين خمس إلى سبع "، وقالوا: ما بين الثلاث إلى الخمس.

                                                                                                                                                                                  وقال الفراء: البضع نيف ما بين الثلاث إلى التسع، كذلك رأيت العرب تفعل ولا يقولون بضع ومائة ولا بضع وألف، ولا يذكر مع عشر ومع العشرين إلى التسعين.

                                                                                                                                                                                  وقال الزجاج: معناه القطعة من العدد تجعل لما دون العشرة من الثلاث إلى التسع وهو الصحيح وهو قول الأصمعي، وقال غيره: البضع من الثلاث إلى التسع.

                                                                                                                                                                                  وقال أبو عبيدة: هو ما بين نصف العشر يريد ما بين الواحد إلى الأربعة، وقال يعقوب: عن أبي زيد بضع وبضع مثال علم وصقر، وفي المحكم: البضع ما بين الثلاث إلى العشر، وبالهاء من الثلاثة إلى العشرة يضاف إلى ما يضاف إليه الآحاد ويبنى مع العشرة كما يبنى سائر الآحاد ولم يمتنع عشرة.

                                                                                                                                                                                  وفي الجامع للقزاز: بضع سنين قطعة من السنين وهو يجري في العدد مجرى ما دون العشرة، وقال قوم: قوله تعالى فلبث في السجن بضع سنين يدل على أن البضع سبع سنين لأن يوسف عليه السلام إنما لبث في السجن سبع سنين.

                                                                                                                                                                                  وقال أبو عبيدة: ليس البضع العقد ولا نصف العقد، يذهب إلى أنه من الواحد إلى الأربعة، وفي الصحاح: لا تقول بضع وعشرون، وقال المطرزي في شرحه: البضع من أربعة إلى تسعة، هذا الذي حصلناه من العلماء البصريين والكوفيين، وفيه خلاف، إلا أن هذا هو الاختيار.

                                                                                                                                                                                  والنيف من واحد إلى ثلاثة، وقال ابن السيد في المثلث: البضع بالفتح والكسر ما بين واحد إلى خمسة في قول أبي عبيدة، وقال غيره: ما بين واحد إلى عشرة وهو الصحيح، وفي الغريبين للهروي: البضع والبضعة واحد، ومعناهما القطعة من العدد، زاد عياض بكسر الباء فيهما وبفتحهما.

                                                                                                                                                                                  وفي العباب: قال أبو زيد: أقمت بضع سنين بالفتح، وجلست في بقعة طيبة وأقمت برهة كلها بالفتح، وهو ما بين الثلاث إلى التسع، وروى الأثرم عن أبي عبيدة أن البضع ما بين الثلاث إلى الخمس، وتقول: بضع سنين وبضعة عشر رجلا وبضع عشرة امرأة، فإذا جاوزت لفظ العشر ذهب البضع لا تقول بضع وعشرون، وقيل: هذا غلط، بل يقال ذلك، وقال أبو زيد: يقال له بضعة وعشرون رجلا وبضع وعشرون امرأة، والبضع من العدد في الأصل غير محدود، وإنما صار مبهما لأنه بمعنى القطعة، والقطعة غير محدودة.

                                                                                                                                                                                  قوله " شعبة " بضم الشين، وهي القطعة والفرقة، وهي واحدة الشعب وهي أغصان الشجرة، قال ابن سيده: الشعبة الفرقة والطائفة من الشيء، ومنه شعب الآباء، وشعب القبائل، وشعبها الأربع. وواحد شعب القبائل شعب بالفتح، وقيل: بالكسر، وهي العظام. وكذا شعب الإناء صدعه بالفتح أيضا.

                                                                                                                                                                                  وقال الخليل: الشعب الاجتماع والافتراق; أي هما ضدان. والمراد بالشعبة في الحديث الخصلة أي إن الإيمان ذو خصال متعددة.

                                                                                                                                                                                  قوله " والحياء " ممدودا هو الاستحياء، واشتقاقه من الحياة، يقال: حيى الرجل إذا انتقص حياته وانتكس قوته كما يقال: نسي نساه، أي العرق الذي في الفخذ، وحشي إذا اعتل حشاه، فمعنى الحيي المؤف من خوف المذمة، وقد حيي منه حياء واستحى واستحيى حذفوا الياء الأخيرة كراهية التقاء الساكنين، والأخيران يتعديان بحرف وبغير حرف، يقولون: استحيى منك واستحياك، ورجل حيي ذو حياء والأنثى بالتاء، والحياء تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به ويذم، وقد يعرف أيضا بأنه انحصار النفس خوف ارتكاب القبائح.

                                                                                                                                                                                  (بيان الإعراب)

                                                                                                                                                                                  قوله " الإيمان " مبتدأ وخبره قوله " بضع وستون شعبة "، قال الكرماني: بضع هكذا في بعض الأصول، وبضعة بالهاء في أكثرها. وقال بعضهم: وقع في بعض الروايات بضعة بتاء التأنيث، قلت: الصواب مع الكرماني. وكذا قال بعض الشراح: كذا وقع هنا في بعض الأصول بضع، وفي أكثرها بضعة بالهاء، وأكثر الروايات في غير هذا الموضع بضع بلا هاء، وهو الجاري على اللغة المشهورة، ورواية الهاء صحيحة أيضا على التأويل، قلت: لا شك أن بضعا للمؤنث وبضعة للمذكر وشعبة يؤنث، فينبغي أن يقال بضع بلا هاء، ولكن لما جاءت الرواية ببضعة يحتاج أن تؤول الشعبة بالنوع إذا فسرت الشعبة بالطائفة من الشيء وبالخلق إذا فسرت بالخصلة والخلة، قوله " والحياء " مبتدأ وخبره " شعبة " وقوله " من الإيمان " في محل الرفع لأنها صفة شعبة.

                                                                                                                                                                                  [ ص: 127 ] (بيان المعاني والبيان)

                                                                                                                                                                                  لا شك أن تعريف المسند إليه إنما يقصد إلى تعريفه لإتمام فائدة السامع لأن فائدته من الخبر إما الحكم أو لازمه كما بين في موضعه، وفيه الفصل بين الجملتين بالواو لأنه قصد التشريك وتعيين الواو لدلالتها على الجمع، وفيه تشبيه الإيمان بشجرة ذات أغصان وشعب كما شبه في الحديث السابق الإسلام بخباء ذات أعمدة وأطناب، ومبناه على المجاز، وذلك لأن الإيمان في اللغة التصديق وفي عرف الشرع تصديق القلب واللسان وتمامه وكماله بالطاعات، فحينئذ الإخبار عن الإيمان بأنه بضع وستون شعبة أو بضع وسبعون ونحو ذلك يكون من باب إطلاق الأصل على الفرع; وذلك لأن الإيمان هو الأصل، والأعمال فروع منه، وإطلاق الإيمان على الأعمال مجاز لأنها تكون عن الإيمان.

                                                                                                                                                                                  وقد اتفق أهل السنة من المحدثين والفقهاء والمتكلمين على أن المؤمن الذي يحكم بإيمانه وأنه من أهل القبلة ولا يخلد في النار هو الذي يعتقد بقلبه دين الإسلام اعتقادا جازما خاليا من الشكوك ونطق بالشهادتين، فإن اقتصر على أحدهما لم يكن من أهل القبلة إلا إذا عجز عن النطق فإنه يكون مؤمنا إلا ما حكاه القاضي عياض في (كتاب الشفاء) في أن من اعتقد دين الإسلام بقلبه ولم ينطق بالشهادتين من غير عذر منعه من القول أن ذلك نافعه في الدار الآخرة على قول ضعيف، وقد يكون فائزا لكنه غير المشهور، والله أعلم.

                                                                                                                                                                                  (بيان استنباط الفوائد)

                                                                                                                                                                                  وهو على وجوه:

                                                                                                                                                                                  الأول: في تعيين الستين على ما جاء هاهنا، وفي تعيين السبعين على ما جاء في رواية أخرى من الصحيح ورواية أصحاب السنن، أما الحكمة في تعيين الستين وتخصيصها فهي أن العدد إما زائد: وهو ما أجزاؤه أكثر منه كالاثني عشر فإن لها نصفا وثلثا وربعا وسدسا ونصف سدس، ومجموع هذه الأجزاء أكثر من اثني عشر فإنه ستة عشر، وإما ناقص: وهو ما أجزاؤه أقل منه كالأربعة، فإن لها الربع والنصف فقط، وإما تام وهو ما أجزاؤه مثله كالستة فإن أجزاءها النصف والثلث والسدس وهي مساوية للستة.

                                                                                                                                                                                  والفضل من بين الأنواع الثلاثة للتام، فلما أريد المبالغة فيه جعلت آحادها أعشارا وهي الستون، وأما الحكمة في تعيين السبعين فهي أن السبعة تشتمل على جملة أقسام العدد فإنه ينقسم إلى فرد وزوج، وكل منهما إلى أول ومركب.

                                                                                                                                                                                  والفرد الأول ثلاثة والمركب خمسة والزوج الأول اثنان والمركب أربعة، وينقسم أيضا إلى منطق كالأربعة وأصم كالستة فلما أريد المبالغة فيه جعلت آحادها أعشارا وهي السبعون، وأما زيادة البضع على النوعين فقد علم أنه يطلق على الست وعلى السبع لأنه ما بين اثنين إلى عشرة وما فوقها، كما نص عليه صاحب الموعب، ففي الأول الستة أصل للستين، وفي الثاني السبعة أصل للسبعين كما ذكرناه، فهذا وجه تعيين أحد هذين العددين.

                                                                                                                                                                                  الثاني: أن المراد من هذين العددين هل هو حقيقة أم ذكرا على سبيل المبالغة؟ فقال بعضهم: أريد به التكثير دون التعديد كما في قوله تعالى: إن تستغفر لهم سبعين مرة وقال الطيبي: الأظهر معنى التكثير، ويكون ذكر البضع للترقي يعني أن شعب الإيمان أعداد مبهمة، ولا نهاية لكثرتها; إذ لو أريد التحديد لم يبهم.

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم: العرب تستعمل السبعين كثيرا في باب المبالغة، وزيادة السبع عليها التي عبر عنها بالبضع لأجل أن السبعة أكمل الأعداد لأن الستة أول عدد تام وهي مع الواحد سبعة، فكانت كاملة إذ ليس بعد التمام سوى الكمال، وسمي الأسد سبعا لكمال قوته، والسبعون غاية الغاية إذ الآحاد غايتها العشرات، فإن قلت: قد قلت: إن البضع لما بين اثنين إلى عشرة وما فوقها، فمن أين تقول: إن المراد من البضع السبع حتى بنى القائل المذكور كلامه على هذا؟ قلت: قد نص صاحب العين على أن البضع سبعة كما ذكرنا، وقال بعضهم: هذا القدر المذكور هو شعب الإيمان، والمراد منه تعداد الخصال حقيقة، فإن قلت: إذا كان المراد بيان تعداد الخصال، فما الاختلاف المذكور؟ قلت: يجوز أن يكون شعب الإيمان بضعا وستين وقت تنصيصه على هذا المقدار، فذكره لبيان الواقع، ثم بعد ذلك نص على بضع وسبعين بحسب تعدد العشرة على ذلك المقدار، فافهم. فإنه موضع فيه دقة.

                                                                                                                                                                                  الثالث: في بيان العدد المذكور، قال الإمام أبو حاتم بن حبان بكسر الحاء وتشديد الموحدة البستي في كتاب وصف الإيمان وشعبه: تتبعت معنى هذا الحديث مدة وعددت الطاعات فإذا هي تزيد على هذا العدد شيئا كثيرا، فرجعت إلى السنن فعددت كل طاعة عددها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإيمان، فإذا هي تنقص على البضع والسبعين، فرجعت إلى كتاب الله تعالى فعددت كل طاعة عدها الله من الإيمان فإذا هي تنقص عن البضع والسبعين، فضممت إلى الكتاب السنن وأسقطت المعاد، فإذا كل شيء عده الله ورسوله عليه السلام من الإيمان بضع وسبعون لا يزيد عليها ولا ينقص، [ ص: 128 ] فعلمت أن مراد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن هذا العدد في الكتاب والسنة، انتهى.

                                                                                                                                                                                  وقد تكلفت جماعة في بيان هذا العدد بطريق الاجتهاد وفي الحكم بكون المراد ذلك نظر وصعوبة، قال القاضي عياض: ولا يقدح عدم معرفة ذلك على التفصيل في الإيمان; إذ أصول الإيمان وفروعه معلومة محققة والإيمان بأن هذا العدد واجب على الجملة وتفصيل تلك الأصول وتعيينها على هذا العدد يحتاج إلى توقيف.

                                                                                                                                                                                  وقال الخطابي: هذه منحصرة في علم الله وعلم رسوله موجودة في الشريعة غير أن الشرع لم يوقفنا عليها، وذلك لا يضرنا في علمنا بتفاصيل ما كلفنا به، فما أمرنا بالعلم به عملنا وما نهانا عنه انتهينا، وإن لم نحط بحصر أعداده، وقال أيضا: الإيمان اسم يتشعب إلى أمور ذوات عدد جماعها الطاعة، ولهذا صار من صار من العلماء إلى أن الناس مفاضلون في درج الإيمان وإن كانوا متساوين في اسمه، وكان بدء الإيمان كلمة الشهادة، وأقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بقية عمره يدعو الناس إليها، وسمى من أجابه إلى ذلك مؤمنا إلى أن نزلت الفرائض، وبهذا الاسم خوطبوا عند إيجابها عليهم، فقال تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة وهذا الحكم مستمر في كل اسم يقع على أمر ذي شعب كالصلاة، فإن رجلا لو مر على مسجد وفيه قوم منهم من يستفتح الصلاة ومنهم من هو راكع أو ساجد، فقال: رأيتهم يصلون كان صادقا مع اختلاف أحوالهم في الصلاة وتفاضل أفعالهم فيها، فإن قيل: إذا كان الإيمان بضعا وسبعين شعبة، فهل يمكنكم أن تسموها بأسمائها وإن عجزتم عن تفصيلها؟ فهل يصح إيمانكم بما هو مجهول؟ قلنا: إيماننا بما كلفناه صحيح والعلم به حاصل، وذلك من وجهين الأول أنه قد نص على أعلى الإيمان وأدناه باسم أعلى الطاعات وأدناها، فدخل فيه جميع ما يقع بينهما من جنس الطاعات كلها وجنس الطاعات معلوم.

                                                                                                                                                                                  والثاني: أنه لم يوجب علينا معرفة هذه الأشياء بخواص أسمائها حتى يلزمنا تسميتها في عقد الإيمان، وكلفنا التصديق بجملتها كما كلفنا الإيمان بملائكته وإن كنا لا نعلم أسماء أكثرهم ولا أعيانهم، وقال النووي: وقد بين النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أعلى هذه الشعب وأدناها كما ثبت في الصحيح من قوله صلى الله تعالى عليه وسلم " أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق "، فبين أن أعلاها التوحيد المتعين على كل مكلف والذي لا يصح شيء غيره من الشعب إلا بعد صحته، وأن أدناها دفع ما يتوقع به ضرر المسلمين، وبقي بينهما تمام العدد فيجب علينا الإيمان به وإن لم نعرف أعيان جميع أفراده كما نؤمن بالملائكة وإن لم نعرف أعيانهم وأسماءهم، انتهى.

                                                                                                                                                                                  وقد صنف في تعيين هذه الشعب جماعة، منهم الإمام أبو عبد الله الحليمي صنف فيها كتابا سماه (فوائد المنهاج)، والحافظ أبو بكر البيهقي وسماه (شعب الإيمان)، والشيخ عبد الجليل أيضا سماه شعب الإيمان، وإسحاق بن القرطبي، وسماه (كتاب النصايح)، والإمام أبو حاتم وسماه (وصف الإيمان وشعبه).

                                                                                                                                                                                  ولم أر أحدا منهم شفى العليل ولا أروى الغليل، فنقول ملخصا بعون الله تعالى وتوفيقه: إن أصل الإيمان هو التصديق بالقلب والإقرار باللسان، ولكن الإيمان الكامل التام هو التصديق والإقرار والعمل، فهذه ثلاثة أقسام: فالأول يرجع إلى الاعتقاديات وهي تتشعب إلى ثلاثين شعبة: الأولى: الإيمان بالله تعالى ويدخل فيه الإيمان بذاته وصفاته وتوحيده بأن ليس كمثله شيء، الثانية: اعتقاد حدوث ما سوى الله تعالى، الثالثة: الإيمان بملائكته، الرابعة: الإيمان بكتبه، الخامسة: الإيمان برسله، السادسة: الإيمان بالقدر خيره وشره، السابعة: الإيمان باليوم الآخر ويدخل فيه السؤال بالقبر وعذابه، والبعث والنشور، والحساب والميزان والصراط. الثامنة: الوثوق على وعد الجنة والخلود فيها، التاسعة: اليقين بوعيد النار وعذابها وأنها لا تفنى، العاشرة: محبة الله تعالى، الحادية عشرة: الحب في الله والبغض في الله، ويدخل فيه حب الصحابة المهاجرين والأنصار وحب آل الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم. الثانية عشرة: محبة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ويدخل فيه الصلاة عليه واتباع سنته، الثالثة عشرة: الإخلاص ويدخل فيه ترك الرياء والنفاق، الرابعة عشرة: التوبة والندم، الخامسة عشرة: الخوف، السادسة عشرة: الرجاء، السابعة عشرة: ترك اليأس والقنوط، الثامنة عشرة: الشكر، التاسعة عشرة: الوفاء، العشرون: الصبر، الحادية والعشرون: التواضع ويدخل فيه توقير الأكابر، الثانية والعشرون: الرحمة والشفقة ويدخل فيه الشفقة على الأصاغر، الثالث والعشرون: الرضاء بالقضاء، الرابعة والعشرون: التوكل، الخامسة والعشرون: ترك العجب والزهو ويدخل فيه ترك مدح نفسه وتزكيتها، السادسة والعشرون: ترك الحسد، السابعة والعشرون: ترك الحقد [ ص: 129 ] والضغن. الثامنة والعشرون: ترك الغضب.

                                                                                                                                                                                  التاسعة والعشرون: ترك الغش، ويدخل فيه الظن السوء والمكر.

                                                                                                                                                                                  الثلاثون: ترك حب الدنيا، ويدخل فيه ترك حب المال وحب الجاه، فإذا وجدت شيئا من أعمال القلب من الفضائل والرذائل خارجا عما ذكر بحسب الظاهر، فإنه في الحقيقة داخل في فصل من الفصول يظهر ذلك عند التأمل.

                                                                                                                                                                                  والقسم الثاني يرجع إلى أعمال اللسان، وهي تتشعب إلى سبع شعب:

                                                                                                                                                                                  الأولى: التلفظ بالتوحيد.

                                                                                                                                                                                  الثانية: تلاوة القرآن.

                                                                                                                                                                                  الثالثة: تعلم العلم.

                                                                                                                                                                                  الرابعة: تعليم العلم.

                                                                                                                                                                                  الخامسة: الدعاء.

                                                                                                                                                                                  السادسة: الذكر، ويدخل فيه الاستغفار.

                                                                                                                                                                                  السابعة: اجتناب اللغو.

                                                                                                                                                                                  والقسم الثالث: يرجع إلى أعمال البدن، وهي تتشعب إلى أربعين شعبة، وهي على ثلاثة أنواع: الأول ما يختص بالأعيان، وهي ست عشرة شعبة:

                                                                                                                                                                                  الأولى: التطهر، ويدخل فيه طهارة البدن والثوب والمكان، ويدخل في طهارة البدن الوضوء من الحدث والاغتسال من الجنابة والحيض والنفاس.

                                                                                                                                                                                  الثانية: إقامة الصلاة، ويدخل فيها الفرض، والنفل والقضاء.

                                                                                                                                                                                  الثالثة: أداء الزكاة، ويدخل فيها الصدقة، ويدخل فيها أداء الزكاة، ويدخل فيها صدقة الفطر، ويدخل في هذا الباب الجود، وإطعام الطعام، وإكرام الضيف.

                                                                                                                                                                                  الرابعة: الصوم فرضا ونفلا.

                                                                                                                                                                                  الخامسة: الحج، ويدخل فيه العمرة.

                                                                                                                                                                                  السادسة: الاعتكاف، ويدخل فيه التماس ليلة القدر.

                                                                                                                                                                                  السابعة: الفرار بالدين، ويدخل فيه الهجرة من دار الشرك.

                                                                                                                                                                                  الثامنة: الوفاء بالنذر.

                                                                                                                                                                                  التاسعة: التحري في الإيمان.

                                                                                                                                                                                  العاشرة: أداء الكفارة.

                                                                                                                                                                                  الحادية عشرة: ستر العورة في الصلاة وخارجها.

                                                                                                                                                                                  الثانية عشرة: ذبح الضحايا والقيام بها إذا كانت منذورة.

                                                                                                                                                                                  الثالثة عشرة: القيام بأمر الجنائز.

                                                                                                                                                                                  الرابعة عشرة: أداء الدين.

                                                                                                                                                                                  الخامسة عشرة: الصدق في المعاملات، والاحتراز عن الرياء.

                                                                                                                                                                                  السادسة عشرة: أداء الشهادة بالحق وترك كتمانها.

                                                                                                                                                                                  النوع الثاني: ما يختص بالاتباع وهو ست شعب:

                                                                                                                                                                                  الأولى: التعفف بالنكاح.

                                                                                                                                                                                  الثانية: القيام بحقوق العيال، ويدخل فيه الرفق بالخدم.

                                                                                                                                                                                  الثالثة: بر الوالدين، ويدخل فيه الاجتناب عن العقوق.

                                                                                                                                                                                  الرابعة: تربية الأولاد.

                                                                                                                                                                                  الخامسة: صلة الرحم.

                                                                                                                                                                                  السادسة: طاعة الموالي.

                                                                                                                                                                                  النوع الثالث: ما يتعلق بالعامة، وهو ثماني عشرة شعبة:

                                                                                                                                                                                  الأولى: القيام بالإمارة مع العدل.

                                                                                                                                                                                  الثانية: متابعة الجماعة.

                                                                                                                                                                                  الثالثة: طاعة أولي الأمر.

                                                                                                                                                                                  الرابعة: الإصلاح بين الناس، ويدخل فيه قتال الخوارج والبغاة.

                                                                                                                                                                                  الخامسة: المعاونة على البر.

                                                                                                                                                                                  السادسة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

                                                                                                                                                                                  السابعة: إقامة الحدود.

                                                                                                                                                                                  الثامنة: الجهاد، ويدخل فيه المرابطة.

                                                                                                                                                                                  التاسعة: أداء الأمانة، ويدخل فيه أداء الخمس.

                                                                                                                                                                                  العاشرة: القرض مع الوفاء به.

                                                                                                                                                                                  الحادية عشرة: إكرام الجار.

                                                                                                                                                                                  الثانية عشرة: حسن المعاملة، ويدخل فيه جمع المال من حله.

                                                                                                                                                                                  الثالثة عشرة: إنفاق المال في حقه، ويدخل فيه ترك التبذير والإسراف.

                                                                                                                                                                                  الرابعة عشرة: رد السلام.

                                                                                                                                                                                  الخامسة عشرة: تشميت العاطس.

                                                                                                                                                                                  السادسة عشرة: كف الضرر عن الناس.

                                                                                                                                                                                  السابعة عشرة: اجتناب اللهو.

                                                                                                                                                                                  الثامنة عشرة: إماطة الأذى عن الطريق، فهذه سبع وسبعون شعبة

                                                                                                                                                                                  (الأسئلة والأجوبة) منها ما قيل لم جعل الحياء من الإيمان، وأجيب بأنه باعث على أفعال الخير، ومانع عن المعاصي، ولكنه ربما يكون تخلقا واكتسابا كسائر أعمال البر، وربما يكون غريزة لكن استعماله على قانون الشرع يحتاج إلى اكتساب ونية، فهو من الإيمان لهذا.

                                                                                                                                                                                  الثاني: ما قيل: إنه قد ورد الحياء لا يأتي إلا بخير، وورد الحياء خير كله، فصاحب الحياء قد يستحي أن يواجه بالحق فيترك أمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر، فكيف يكون هذا من الإيمان، وأجيب بأنه ليس بحياء حقيقة، بل هو عجز ومهانة، وإنما تسميته حياء من إطلاق بعض أهل العرف أطلقوه مجازا لمشابهته الحياء الحقيقي، وحقيقته خلق يبعث على اجتناب القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق ونحوه، وأولى الحياء الحياء من الله تعالى، وهو أن لا يراك الله حيث نهاك، وذاك إنما يكون عن معرفة ومراقبة، وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: " أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ". وقد خرج الترمذي عنه عليه السلام أنه قال: استحيوا من الله حق الحياء. قالوا: إنا نستحي والحمد لله، فقال: ليس ذلك، ولكن الاستحياء من الله تعالى حق الحياء أن تحفظ الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، وتذكر الموت والبلى، فمن فعل ذلك فقد استحيى من الله حق الحياء. وقال الجنيد: رؤية الآلاء - أي: النعم - ورؤية التقصير يتولد بينهما حالة تسمى الحياء.

                                                                                                                                                                                  الثالث: ما قيل لم أفرد الحياء بالذكر من بين سائر الشعب. وأجيب بأنه كالداعي إلى سائر الشعب فإن الحيي يخاف فضيحة [ ص: 130 ] الدنيا وفظاعة الآخرة فينزجر عن المعاصي، ويمتثل الطاعات كلها. وقال الطيبي: معنى إفراد الحياء بالذكر بعد دخوله في الشعب كأنه يقول: هذه شعبة واحدة من شعبه، فهل تحصى شعبه كلها؟ هيهات إن البحر لا يغرف.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية