الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
9908 - لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا غول (حم م) عن جابر - (صح)

التالي السابق


(لا عدوى ولا طيرة) بكسر ففتح من التطير: التشاؤم بالطيور (ولا هامة ولا صفر ولا غول) هو بالفتح مصدر معناه البعد والهلاك، وبالضم الاسم، وهو من السعالي وجمعه أغوال وغيلان، كانوا يزعمون أن الغيلان في الفلاة وهر من جنس الشياطين تتراءى للناس وتتغول، أي تتلون فتضلهم عن الطريق فتهلكهم، فأبطل ذلك، وقيل إنما أبطل ما زعموه من تلونه لا وجوده، ومعنى "لا غول" أي لا يستطيع أحد إضلال أحد، قال القاضي: والمراد بقوله "لا عدوى إلخ" أن مصاحبة المعلول ومؤاكلته لا توجب حصول تلك العلة ولا تؤثر فيها، لتخلفه عن ذلك طردا وعكسا، لكنها تكون من الأسباب المقدرة التي تعلقت المشيئة بترتب العلة عليها بالنسبة إلى بعض الأبدان إحداث الله تعالى، فعلى العاقل التحرز عنها ما أمكن، بتحرزه عن الأطعمة الضارة والأشياء المخوفة، والطيرة: التفاؤل بالطير، وكانوا يتفاءلون بأسمائها وأصواتها، والهامة: الصدى، وهو طائر كبير يضعف بصره بالنهار ويطير بالليل ويصوت فيه، ويقال له بوم، والناس يتشاءمون بصوته، ومن زعمات العرب أن روح القتيل الذي لا يدرك ثأره تصير هامة فتبدو وتقول اسقوني، فإذا أدرك ثأره طارت، وقوله "لا غول" يحتمل أن المراد به نفيه رأسا، وأن المراد نفيه على الوجه الذي يزعمونه، فإنهم يقولون: هو ضرب من الجن يتشخصون لمن يمشي وحده في فلاة أو في الليلة الليلاء، ويمشي قدامه، فيظن الماشي خلفه أنه إنسان فيتبعه فيوقعه في الهلاك اهـ. وقال الطيبي: "لا" التي لنفي الجنس دخلت على المذكورات ونفت ذواتها، وهي غير منفية، فيوجه النفي إلى أوصافها وأحوالها التي هي مخالفة الشرع، فإن العدوى وصفر والهامة موجودة، والمنفي هو ما زعمت الجاهلية لا إثباتها، فإن نفي الذات لإرادة نفي الصفات أبلغ في باب الكناية

(حم م عن جابر) بن عبد الله.



الخدمات العلمية