الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الوجه الثاني من صلاة الخوف

( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } ( قال الشافعي ) : فكان بينا في كتاب الله عز وجل فإن خفتم فرجالا أو ركبانا أن الحال التي أذن لهم فيها أن يصلوا رجالا أو ركبانا غير الحال التي أمر فيها نبيه صلى الله عليه وسلم يصلي بطائفة ثم بطائفة فكان بينا لأنه لا يؤذن لهم بأن يصلوا رجالا أو ركبانا إلا في خوف أشد من الخوف الذي أمرهم فيه بأن يصلي بطائفة ثم بطائفة ( قال الشافعي ) أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه ذكر صلاة الخوف فساقها ثم قال : فإن كان خوفا أشد من ذلك صلوا رجالا أو ركبانا مستقبلي القبلة ، وغير مستقبليها ، قال مالك : لا أراه يذكر ذلك إلا النبي صلى الله عليه وسلم ( قال الشافعي ) : أخبرنا محمد بن إسماعيل أو عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ( قال الشافعي ) : والخوف الذي يجوز فيه أن يصلوا رجالا وركبانا ، والله [ ص: 255 ] تعالى أعلم إطلال العدو عليهم فيتراءون معا ، والمسلمون في غير حصن حتى ينالهم السلاح من الرمي أو أكثر من أن يقرب العدو فيه منهم من الطعن والضرب فإن كان هذا هكذا ، والعدو من وجه واحد ، والمسلمون كثير يستقل بعضهم بقتال العدو حتى يكون بعض في شبيه بحال غير شدة الخوف منهم قاتلتهم طائفة ، وصلت أخرى صلاة غير شدة الخوف ، وكذلك لو كان العدو من وجهين أو ثلاثة أو محيطين بالمسلمين والعدو قليل ، والمسلمون كثير تستقل كل طائفة ، وليها العدو بالعدو حتى يكون من بين الطوائف التي يليها العدو في غير شدة الخوف منهم صلى هؤلاء الذين لا يلونهم صلاة غير شدة الخوف ( قال الشافعي ) : فإن قدر هؤلاء الذين صلوا أن يدخلوا بين العدو وبين الطوائف التي كانت تلي قتال العدو حتى يصير الذين كانوا يلون قتالهم في مثل حال هؤلاء في غير شدة الخوف منهم فعلوا ، ولم يجز الذين يلون قتالهم إلا أن يصلوا صلاة غير شدة الخوف بالأرض ، وإلى القبلة ( قال الشافعي ) : وإذا تعذر هذا بالتحام الحرب أو خوف إن ولوا عنهم أن يركبوا أكتافهم ويروها هزيمة أو هيبة الطائفة التي صلت بالدخول بينهم ، وبين العدو أو منع العدو ذلك لها أو تضايق مدخلهم حتى لا يصلوا إلى أن يكونوا حائلين بينهم ، وبين العدو كان للطائفة التي تليهم أن يصلوا كيفما أمكنهم مستقبلي القبلة ، وغير مستقبليها ، وقعودا على دوابهم ما كانت دوابهم ، وعلى الأرض قياما يومئون برءوسهم إيماء .

التالي السابق


الخدمات العلمية