الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 528 ] قال في الرعاية : يسن التواضع في اللباس ولبس البياض والنظافة في بدنه وثوبه ، قال ابن حمدان ومجلسه والطيب في بدنه وثوبه ، والتحنك والذؤابة معه وإسبالها خلفه انتهى كلامه . والمراد بالعمامة أن تكون بذؤابة متوسطة كما قاله بعض أصحابنا فتقي الرأس مما يؤذيه من حر وبرد ولا يتأذى بها ، والتحنيك يدفع عن العنق الحر والبرد وهو أثبت للعمامة ولا سيما للركوب .

وقال ابن عبد البر : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب من الألوان الخضرة ويكره الحمرة ويقول هي زينة الشيطان } .

وقال مالك الأشتر لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : أي الألوان أحسن ؟ قال الخضرة ; لأنها لون ثياب أهل الجنة قال وأنشد غير واحد للشافعي :

علي ثياب لو تباع جميعها بفلس لكان الفلس منهن أكثرا     وفيهن نفس لو يقاس ببعضها
نفوس الورى كانت أجل وأكبرا



أخذه المتنبي فقال :

لئن كان ثوبي فوق قيمته الفلس     فلي فيه نفس دون قيمتها الإنس
فثوبك بدر تحت أنواره دجى     وثوبي ليل تحت أطماره شمس



وقال آخر :

لا تنظرن إلى الثياب فإنني     خلق الثياب من المروءة كاس

وقال محمود الوراق :

تصوف فازدهى بالصوف جهلا     وبعض الناس يلبسه مجانه
يريك مجانة ويجن كبرا     وليس الكبر من شكل المهانه
تصنع كي يقال له أمين     وما معنى التصنع للأمانه
ولم يرد الإله به ولكن     أراد به الطريق إلى الخيانه



[ ص: 529 ] وقال آخر :

لا يعجبنك من يصون ثيابه     حذر الغبار وعرضه مبذول
ولربما افتقر الفتى فرأيته     دنس الثياب وعرضه مغسول



وروي عن لقمان الحكيم أنه قال : التقنع بالليل ريبة وبالنهار مذلة ، قال رجل لإبراهيم النخعي : ما ألبس من الثياب ؟ قال : ما لا يشهرك عند العلماء ولا يحقرك عند السفهاء .

قال القاضي وغيره : يستحب غسل الثوب من العرق والوسخ نص عليه في رواية المروذي وغيره واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أما يجد هذا ما يغسل به ثوبه } { ورأى رجلا شعثا فقال أما كان يجد هذا ما يسكن به رأسه } وهذا الخبر رواه أحمد والخلال من حديث جابر وعلله أحمد بأن الثوب إذا اتسخ تقطع وروى وكيع عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يعجبه إذا قام إلى الصلاة الريح الطيبة ، والثياب النقية . وروي أيضا عن عمر رضي الله عنه قال مروءة الرجل نقاء ثوبه وعلى ظاهر تعليل أحمد يجب غسله لما في تركه من إضاعة المال المنهي عنه وفي الخبر عنه عليه الصلاة والسلام قال { البذاذة من الإيمان } قال أبو القاسم البغوي ، قال أحمد بن حنبل : البذاذة التواضع في اللباس .

ذكره الحافظ تقي الدين بن الأخضر في تسميته من روى عن أحمد في ترجمة محمد بن علي الجوزجاني قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية الأثرم ينبغي أن يرخي خلفه من عمامته كما جاء عن ابن عمر .

التالي السابق


الخدمات العلمية