الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الرابعة : قوله تعالى : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } دليل على وجوب نفقة الولد على الوالد لعجزه وضعفه ; فجعل الله تعالى ذلك على يدي أبيه لقرابته منه وشفقته عليه ; وسمى الله تعالى الأم لأن الغذاء يصل إليه بوساطتها في الرضاعة ، كما قال تعالى : { وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن } لأن الغذاء لا يصل إلى الحمل إلا بوساطتهن في الرضاعة ; وهذا باب من أصول الفقه ، وهو أن ما لا يتم الواجب إلا به واجب مثله .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الخامسة : قوله تعالى : { بالمعروف } يعني على قدر حال الأب من السعة والضيق ، كما قال تعالى في سورة الطلاق : { لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله } ومن هذه النكتة أخذ علماؤنا جواز إجارة الظئر بالنفقة والكسوة ، وبه قال أبو حنيفة ، وأنكره صاحباه ، لأنها إجارة مجهولة فلم تجز ، كما لو كانت الإجارة به على عمل الآخر ، وذلك عند أبي حنيفة استحسان ، وهو عند مالك والشافعي أصل في الارتضاع ، وفي كل عمل ، وحمل على العرف والعادة في مثل ذلك العمل . ولولا أنه معروف ما أدخله الله تعالى في المعروف .

                                                                                                                                                                                                              فإن قيل : الذي يدل على أنه مخصوص أنه قدر بحال الأب من عسر ويسر ، ولو كان على رسم الأجرة لم يختلف كبدل سائر الأعواض . قلنا : قدروه بالمعروف أصلا في الإجارات ، ونوعه باليسار والإقتار رفقا ; فانتظم الحكمان ، واطردت الحكمتان . وفي مسائل الخلاف ترى تمام ذلك إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية