الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 320 ] القول في تأويل قوله ( وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون ( 193 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره في وصفه وعيبه ما يشرك هؤلاء المشركون في عبادتهم ربهم إياه : ومن صفته أنكم ، أيها الناس ، إن تدعوهم إلى الطريق المستقيم ، والأمر الصحيح السديد لا يتبعوكم ، لأنها ليست تعقل شيئا ، فتترك من الطرق ما كان عن القصد منعدلا جائرا ، وتركب ما كان مستقيما سديدا .

وإنما أراد الله جل ثناؤه بوصف آلهتهم بذلك من صفتها ، تنبيههم على عظيم خطئهم ، وقبح اختيارهم . يقول جل ثناؤه : فكيف يهديكم إلى الرشاد من إن دعي إلى الرشاد وعرفه لم يعرفه ، ولم يفهم رشادا من ضلال ، وكان سواء دعاء داعيه إلى الرشاد وسكوته ، لأنه لا يفهم دعاءه ، ولا يسمع صوته ، ولا يعقل ما يقال له . يقول : فكيف يعبد من كانت هذه صفته ، أم كيف يشكل عظيم جهل من اتخذ ما هذه صفته إلها ؟ وإنما الرب المعبود هو النافع من يعبده ، الضار من يعصيه ، الناصر وليه ، الخاذل عدوه ، الهادي إلى الرشاد من أطاعه ، السامع دعاء من دعاه .

وقيل : ( سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون ) ، فعطف بقوله : " صامتون " ، وهو اسم على قوله : " أدعوتموهم " ، وهو فعل ماض ، ولم يقل : أم صمتم ، كما قال الشاعر : [ ص: 321 ]

سواء عليك النفر أم بت ليلة بأهل القباب من نمير بن عامر



وقد ينشد : " أم أنت بائت " .

التالي السابق


الخدمات العلمية