الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3477 حدثنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا الليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة رضي الله عنه قال بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر فقلت لمن هذا القصر قالوا لعمر فذكرت غيرته فوليت مدبرا فبكى عمر وقال أعليك أغار يا رسول الله

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الثاني حديث أبي هريرة في المعنى ، ذكره مقتصرا على قصة رؤيا المرأة إلى جانب القصر وزاد فيه قالوا : لعمر ، فذكرت غيرته فوليت مدبرا . وفيه ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من مراعاة الصحبة ، وفيه فضيلة ظاهرة لعمر . وقوله فيه " تتوضأ " يحتمل أن يكون على ظاهره ولا ينكر كونها تتوضأ حقيقة لأن الرؤيا وقعت في زمن التكليف ، والجنة وإن كان لا تكليف فيها فذاك في زمن الاستقرار بل ظاهر قوله : " تتوضأ إلى جانب قصر " أنها تتوضأ خارجة منه ، أو هو على غير الحقيقة . ورؤيا المنام لا تحمل دائما على الحقيقة بل تحتمل التأويل ، فيكون معنى كونها تتوضأ أنها تحافظ في الدنيا على العبادة ، أو المراد بقوله : تتوضأ ؛ أي : تستعمل الماء لأجل الوضاءة على مدلوله اللغوي وفيه بعد .

                                                                                                                                                                                                        وأغرب ابن قتيبة وتبعه الخطابي فزعم أن قوله تتوضأ تصحيف وتغيير من الناسخ ، وإنما الصواب امرأة شوهاء ، ولم يستند في هذه الدعوى إلا إلى استبعاد أن يقع في الجنة وضوء لأنه لا عمل فيها ، وعدم الاطلاع على المراد من الخبر لا يقتضي تغليط الحفاظ . ثم أخذ الخطابي في نقل كلام أهل اللغة في تفسير الشوهاء فقيل : هي الحسناء ونقله عن أبي عبيدة ، وإنما تكون حسناء إذا وصفت بها الفرس ، قال الجوهري : فرس شوهاء صفة محمودة و " الشوهاء " الواسعة الفم وهو مستحسن في الخيل والشوهاء من النساء القبيحة كما جزم به ابن الأعرابي وغيره ، وقد تعقب القرطبي كلام الخطابي لكن نسبه إلى ابن قتيبة فقط ، قال ابن قتيبة : بدل تتوضأ شوهاء ، ثم نقل أن الشوهاء تطلق على القبيحة والحسناء ، قال القرطبي : والوضوء هنا لطلب زيادة الحسن لا للنظافة لأن الجنة منزهة عن الأوساخ والأقذار ، وقد ترجم عليه البخاري في كتاب التعبير " باب الوضوء في المنام " فبطل ما تخيله الخطابي ، وفي الحديث فضيلة الرميصاء وأنها كانت مواظبة على العبادة ، كذا نقله ابن التين عن غيره وفيه نظر .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية