الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        4167 حدثنا محمد بن عرعرة حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدني ابن عباس فقال له عبد الرحمن بن عوف إن لنا أبناء مثله فقال إنه من حيث تعلم فسأل عمر ابن عباس عن هذه الآية إذا جاء نصر الله والفتح فقال أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه إياه فقال ما أعلم منها إلا ما تعلم

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن ابن عباس قال : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدني ابن عباس ) هو من إقامة الظاهر مقام المضمر ، وقد أخرجه الترمذي من طريق شعبة المذكورة بلفظ " كان عمر يسألني مع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " وتقدم شرح حديث الباب في غزوة الفتح من طريق آخر عن أبي بشر أتم سياقا وأكثر فوائد ، وأطلنا بشرحه على تفسير سورة النصر ، وتقدم في حجة الوداع حديث ابن عمر " نزلت سورة إذا جاء نصر الله في أيام التشريق في حجة الوداع " وعند الطبراني عن ابن عباس من وجه آخر أنها " لما نزلت أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد ما كان اجتهادا في أمر الآخرة " وللطبراني من حديث جابر لما نزلت هذه السورة قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل : نعيت إلي نفسي . فقال له جبريل : والآخرة خير لك من الأولى .

                                                                                                                                                                                                        الحديث الثالث : ( وقال يونس ) هو ابن يزيد الأيلي ، وهذا قد وصله البزار والحاكم والإسماعيلي من طريق عنبسة بن خالد عن يونس بهذا الإسناد . وقال البزار : تفرد به عنبسة عن يونس ، أي بوصله ، وإلا فقد رواه موسى بن عقبة في المغازي عن الزهري لكنه أرسله ، وله شاهدان مرسلان أيضا أخرجهما إبراهيم الحربي في " غرائب الحديث " له أحدهما من طريق يزيد بن رومان والآخر من رواية أبي جعفر الباقر ، وللحاكم موصول من حديث أم مبشر قالت : قلت : يا رسول الله ما تتهم بنفسك ؟ فإني لا أتهم بابني إلا الطعام الذي أكل بخيبر ; وكان ابنها بشر بن البراء بن معرور مات ، فقال : وأنا لا أتهم غيرها ، وهذا أوان انقطاع أبهري وروى ابن سعد عن شيخه الواقدي بأسانيد متعددة في قصة الشاة التي سمت له بخيبر ، فقال في آخر ذلك : وعاش بعد ذلك ثلاث سنين حتى كان وجعه الذي قبض فيه . وجعل يقول : ما زلت أجد ألم الأكلة التي أكلتها بخيبر عدادا حتى كان هذا أوان انقطاع أبهري عرق في الظهر وتوفي شهيدا انتهى وقوله : " عرق في الظهر " من كلام الراوي ، وكذا قوله : " وتوفي شهيدا " وقوله : " ما أزال أجد ألم الطعام " أي أحس الألم في جوفي بسبب الطعام ، وقال الداودي : المراد أنه نقص من لذة ذوقه ، وتعقبه ابن التين . وقوله : " أوان " بالفتح على الظرفية ، قال أهل اللغة : الأبهر عرق مستبطن بالظهر متصل بالقلب إذا انقطع مات صاحبه . وقال الخطابي : يقال إن القلب متصل به . [ ص: 738 ] وقد تقدم شرح حال الشاة التي سمت بخيبر في غزوه خيبر مفصلا .

                                                                                                                                                                                                        الحديث الرابع حديث عائشة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( اشتكى ) أي مرض ، ونفث أي بغير ريق أو مع ريق خفيف .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( بالمعوذات ) أي يقرؤها ماسحا لجسده عند قراءتها ، ووقع في رواية مالك عن ابن شهاب في فضائل القرآن بلفظ : فقرأ على نفسه المعوذات وسيأتي في الطب قول معمر بعد هذا الحديث : قلت للزهري : كيف ينفث ؟ قال : ينفث على يديه ثم يمسح بهما وجهه . وسيأتي في الدعوات من طريق عقيل عن الزهري أنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك إذا أخذ مضجعه . هذه رواية الليث عن عقيل ، وفي رواية المفضل بن فضالة عن عقيل في فضائل القرآن " كان إذا أوى إلى فراشه جمع كفيه ثم نفث فيهما ثم يقرأ " قل هو الله أحد " " وقل أعوذ برب الفلق " " وقل أعوذ برب الناس " والمراد بالمعوذات سورة قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس وجمع إما باعتبار أن أقل الجمع اثنان أو باعتبار أن المراد الكلمات التي يقع التعوذ بها من السورتين ، ويحتمل أن المراد بالمعوذات هاتان السورتان مع سورة الإخلاص وأطلق ذلك تغليبا ، وهذا هو المعتمد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ومسح عنه بيده ) في رواية معمر " وأمسح بيد نفسه لبركتها " وفي رواية مالك " وأمسح بيده رجاء بركتها " ولمسلم من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة " فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمسح بيد نفسه لأنها كانت أعظم بركة من يدي " وسيأتي في آخر هذا الباب من طريق ابن أبي مليكة عن عائشة " فذهبت أعوذه ، فرفع رأسه إلى السماء وقال : في الرفيق الأعلى " . وللطبراني من حديث أبي موسى " فأفاق وهي تمسح صدره وتدعو بالشفاء ، فقال : لا ، ولكن أسأل الله الرفيق الأعلى " وسأذكر الكلام على الرفيق الأعلى في الحديث السابع .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية