الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      3486 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال لا هو حرام ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم شحومها أجملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو عاصم عن عبد الحميد بن جعفر عن يزيد بن أبي حبيب قال كتب إلي عطاء عن جابر نحوه لم يقل هو حرام

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( إن الله حرم بيع الخمر ) : والعلة فيه السكر فيتعدى ذلك إلى كل مسكر ( والأصنام ) : جمع صنم . قال الجوهري : هو الوثن ، وفرق بينهما في النهاية ، فقال الوثن : كل ما له جثة معمولة من جواهر الأرض أو من الخشب أو من الحجارة كصورة الآدمي تعمل وتنصب فتعبد ، والصنم : الصورة بلا جثة . قال : وقد يطلق الوثن على غير الصورة ( أرأيت ) : أي أخبرني ( فإنه ) : أي الشأن ( يطلى ) : بصيغة المجهول ( بها ) : أي بشحوم الميتة ( السفن ) : بضمتين جمع السفينة ( ويدهن ) : بصيغة المجهول ( ويستصبح بها الناس ) : أي [ ص: 298 ] يجعلونها في سرجهم ومصابيحهم يستضيئون بها أي فهل يحل بيعها لما ذكر من المنافع فإنها مقتضية لصحة البيع ( فقال لا هو حرام ) : أي البيع هكذا فسره بعض العلماء كالشافعي ومن اتبعه ، ومنهم من حمل قوله : وهو حرام على حرام على الانتفاع فقال : يحرم الانتفاع بها وهو قول أكثر العلماء فلا ينتفع من الميتة أصلا عندهم إلا ما خص بالدليل وهو الجلد المدبوغ واختلفوا فيما يتنجس من الأشياء الطاهرة ، فالجمهور على الجواز ، وقال أحمد وابن الماجشون : لا ينتفع بشيء من ذلك ، واستدل الخطابي على جواز الانتفاع بإجماعهم على أن من ماتت له دابة ساغ له إطعامها لكلاب الصيد فكذلك يسوغ دهن السفينة بشحم الميتة ولا فرق كذا في الفتح ( عند ذلك ) : أي عند قوله : حرام . قاله القسطلاني . وقال القاري : أي ما ذكر من قول القائل : أرأيت إلخ ( قاتل الله اليهود ) : أي أهلكهم ولعنهم ، ويحتمل إخبارا ودعاء هو من باب عاقبت اللص ( لما حرم عليهم شحومها ) : أي شحوم الميتة قاله القسطلاني . وقال القاري : الضمير يعود إلى كل واحدة من البقر والغنم المذكور في قوله تعالى ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما : قال : والبقر والغنم اسم جنس يجوز تأنيثه باعتبار المعنى ( أجملوه ) : بالجيم أي أذابوه ، والضمير راجع إلى الشحوم بتأويل المذكور . ذكره الطيبي . قال الخطابي : أي أذابوها حتى تصير ودكا فيزول عنها اسم الشحم تقول : جملت الشحم وأجملته إذا أذبته . قال : وفي هذا بيان بطلان كل حيلة يحتال بها للتوصل إلى محرم فإنه لا يتغير حكمه بتغير هيئته وتبديل اسمه انتهى .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه .




                                                                      الخدمات العلمية