الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          1137 حدثنا قتيبة وابن أبي عمر قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال كنا نعزل والقرآن ينزل قال أبو عيسى حديث جابر حديث حسن صحيح وقد روي عنه من غير وجه وقد رخص قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم في العزل وقال مالك بن أنس تستأمر الحرة في العزل ولا تستأمر الأمة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( كنا نعزل والقرآن ينزل ) فيه جواز الاستدلال بالتقرير من الله ورسوله على حكم من الأحكام ؛ لأنه لو كان ذلك الشيء حراما لم يقررا عليه ، ولكن بشرط أن يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد ذهب الأكثر من أهل الأصول على ما حكاه في الفتح : إلى أن الصحابي إذا أضاف الحكم إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم كان له حكم الرفع ، قال لأن الظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وأقره ؛ لتوفر دواعيهم على سؤالهم إياه عن الأحكام ، قال : وقد وردت عدة طرق تصرح باطلاعه على ذلك ، وأخرج مسلم من حديث جابر قال : كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا . قوله : ( حديث جابر حديث حسن صحيح ) وأخرجه البخاري ، ومسلم . قوله : ( وقد رخص قوم من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في العزل ) فاستدلوا بأحاديث الباب ( وقال مالك بن أنس : تستأمر الحرة في العزل ، ولا تستأمر الأمة ) يدل عليه ما رواه أحمد ، وابن ماجه عن [ ص: 244 ] عمر بن الخطاب قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها ، وفي إسناده ابن لهيعة ، وفيه مقال معروف ويشهد له ما أخرجه عبد الرزاق ، والبيهقي عن ابن عباس قال : نهى عن عزل الحرة إلا بإذنها ، وروى عنه ابن أبي شيبة أنه كان يعزل عن أمته ، وروى البيهقي عن ابن عمر مثله ، وقد اختلف السلف في حكم العزل فحكي في الفتح عن ابن عبد البر أنه قال : لا خلاف بين العلماء أنه لا يعزل عن الزوجة الحرة إلا بإذنها ؛ لأن الجماع من حقها ، ولها المطالبة به ، وليس الجماع المعروف إلا ما لا يلحقه العزل ، قال الحافظ وافقه في نقل هذا الإجماع ابن هبيرة قال : وتعقب بأن المعروف عند الشافعية أنه لا حق للمرأة في الجماع فيجوز عندهم العزل عن الحرة بغير إذنها على مقتضى قولهم ، ويدل على اعتبار الإذن من الحرة حديث عمر المذكور ، وأما الأمة فإن كانت زوجة فحكمها حكم الحرة ، واختلفوا هل يعتبر الإذن منها ، أو من سيدها ؟ وإن كانت سرية فقال في الفتح : يجوز بلا خلاف عندهم إلا في وجه حكاه الروياني في المنع مطلقا . كمذهب ابن حزم .




                                                                                                          الخدمات العلمية