الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في النهي عن البيع على بيع أخيه

                                                                                                          1292 حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يبع بعضكم على بيع بعض ولا يخطب بعضكم على خطبة بعض قال وفي الباب عن أبي هريرة وسمرة قال أبو عيسى حديث ابن عمر حديث حسن صحيح وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يسوم الرجل على سوم أخيه ومعنى البيع في هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض أهل العلم هو السوم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( لا يبيع بعضكم على بيع بعض ) بأن يجيء بعضكم بعد استقرار الثمن . بين البائع والمشتري وركون أحدهما إلى الآخر فيزيد على ما استقر ، فإطلاق البيع مجاز أول يراد به السوم . ( ولا يخطب بعضكم على خطبة بعض ) أي : بعد التوافق على الصداق وركون أحدهما إلى الآخر ، ولفظ البخاري : نهى أن يبيع الرجل على بيع أخيه ، وأن يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله ، أو يأذن له الخاطب . قوله : ( وفي الباب عن أبي هريرة ) أخرجه البخاري ، ومسلم ( وسمرة ) لينظر من أخرج حديثه . قوله : ( حديث ابن عمر حديث حسن صحيح ) وأخرجه البخاري ، ومسلم . قوله ( وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يسوم الرجل على سوم أخيه ) أخرجه مسلم عن أبي هريرة بلفظ : لا يسم الرجل على سوم أخيه المسلم . ( ومعنى البيع في هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض أهل العلم هو السوم ) صورة السوم أن يأخذ شيئا ليشتريه فيقول المالك رده لأبيعك خيرا منه بثمنه ، أو مثله بأرخص ، أو يقول للمالك استرده لأشتريه منك بأكثر ، وإنما يمنع من ذلك بعد استقرار الثمن وركون أحدهما إلى الآخر . فإن كان ذلك تصريحا . فقال الحافظ في [ ص: 429 ] الفتح : لا خلاف في التحريم ، وإن كان ظاهرا ففيه وجهان للشافعية ، وقال ابن حزم : إن لفظ الحديث لا يدل على اشتراط الركون ، وتعقب بأنه لا بد من أمر مبين لوضع التحريم في السوم ؛ لأن السوم في السلعة التي تباع فيمن يزيد لا يحرم اتفاقا كما حكاه في الفتح عن ابن عبد البر . فتعين أن السوم المحرم ما وقع في قدر زائد على ذلك .

                                                                                                          وأما صورة البيع على البيع والشراء على الشراء فهو أن يقول لمن اشترى سلعة في زمن الخيار : افسخ لأبيعك بأنقص ، أو يقول للبائع : افسخ لأشتري منك بأزيد ، قال في الفتح ، وهذا مجمع عليه ، وقد اشترط بعض الشافعية في التحريم أن لا يكون المشتري مغبونا غبنا فاحشا ، وإلا جاز البيع على البيع ، والسوم على السوم لحديث : الدين النصيحة ، وأجيب عن ذلك بأن النصيحة لا تنحصر في البيع على البيع والسوم على السوم ؛ لأنه يمكن أن يعرفه أن قيمتها ، كذا فيجمع بذلك بين المصلحتين ، كذا في الفتح .




                                                                                                          الخدمات العلمية