الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2136 حدثنا الحسن بن علي الحلواني حدثنا عبد الله بن نمير ووكيع عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينكت في الأرض إذ رفع رأسه إلى السماء ثم قال ما منكم من أحد إلا قد علم وقال وكيع إلا قد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة قالوا أفلا نتكل يا رسول الله قال لا اعملوا فكل ميسر لما خلق له قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وفي رواية : كنا في جنازة في بقيع الغرقد ، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله ( وهو ينكت في الأرض ) وفي رواية للبخاري : ومعه عود ينكت به في الأرض ، قال الحافظ : وفي رواية منصور ومعه مخصرة بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الصاد المهملة هي عصا أو قضيب يمسكه الرئيس ليتوكأ عليه ويدفع به عنه ويشير به لما يريد ، وسميت بذلك لأنها تحمل تحت الخصر غالبا للاتكاء عليها انتهى ، قال في المجمع : فجعل ينكت بقضيب أي يضرب الأرض بطرفه وهو أن يؤثر فيها بطرفه فعل المفكر المهموم .

                                                                                                          ( ما منكم من أحد إلا قد علم قال وكيع إلا قد كتب ) بصيغة المجهول فيهما ( مقعده من النار ومقعده من الجنة ) وفي رواية البخاري : مقعده من النار أو من الجنة قال الحافظ : أو للتنويع ، ووقع في رواية سفيان ما قد يشعر بأنها بمعنى الواو ولفظه إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار ، وكأنه يشير إلى ما تقدم من حديث ابن عمر الدال على أن لكل أحد مقعدين ، وفي رواية منصور إلا كتب مكانها من الجنة والنار .

                                                                                                          ( أفلا نتكل يا رسول الله ) الفاء معقبة لشيء محذوف تقديره فإذا كان كذلك أفلا نتكل ، وزاد في رواية : أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل أي نعتمد على ما قدر علينا ( قال لا ) أي لا تتكلوا ، وحاصل السؤال ألا نترك مشقة العمل فإنا سنصير إلى ما قدر علينا ، وحاصل الجواب لا مشقة لأن كل أحد ميسر لما خلق له وهو يسير على من يسره الله ، وقال الطيبي : الجواب من الأسلوب الحكيم منعهم عن ترك العمل وأمرهم بالتزام ما يجب على العبد من العبودية وزجرهم عن التصرف في الأمور المغيبة فلا يجعلوا العبادة وتركها سببا مستقلا لدخول الجنة والنار بل هي علامات فقط .

                                                                                                          [ ص: 285 ] قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان .




                                                                                                          الخدمات العلمية