الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ذكر ما رئي من المنامات الصالحة التي رآها الإمام أحمد ورئيت له .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد صح في الحديث لم يبق من النبوة إلا المبشرات - وفي رواية : إلا [ ص: 427 ] الرؤيا الصالحة - يراها المؤمن أو ترى له .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وروى البيهقي ، عن الحاكم سمعت علي بن حمشاذ ، سمعت جعفر بن محمد بن الحسين ، سمعت سلمة بن شبيب يقول : كنا عند أحمد بن حنبل ، وجاءه شيخ ومعه عكازة فسلم عليه وجلس ، فقال : من منكم أحمد بن حنبل ؟ فقال أحمد : أنا ، ما حاجتك ؟ فقال : ضربت إليك من أربعمائة فرسخ ، أريت الخضر في المنام فقال لي : سر إلى أحمد بن حنبل وسل عنه ، وقل له : إن ساكن العرش والملائكة راضون عنك بما صبرت نفسك لله ، عز وجل . وعن أبي عبد الله محمد بن خزيمة الإسكندراني . قال : لما مات أحمد بن حنبل اغتممت غما شديدا ، فرأيته في المنام وهو يتبختر في مشيته فقلت له : يا أبا عبد الله أي مشية هذه ؟ فقال : مشية الخدام في دار السلام . فقلت : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي وتوجني وألبسني نعلين من ذهب ، وقال لي : يا أحمد ، هذا بقولك : القرآن كلامي . ثم قال لي : يا أحمد ، ادعني بتلك الدعوات التي بلغتك عن سفيان الثوري وكنت تدعو بهن في دار الدنيا . قال : قلت : يا رب كل [ ص: 428 ] شيء ، بقدرتك على كل شيء ، اغفر لي كل شيء ، حتى لا تسألني عن شيء . فقال لي : يا أحمد ، هذه الجنة قم فادخلها . فدخلت فإذا أنا بسفيان الثوري وله جناحان أخضران يطير بهما من نخلة إلى نخلة ، وهو يقول الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين [ الزمر : 74 ] قال : فقلت له : ما فعل بشر الحافي ؟ فقال : بخ بخ ، ومن مثل بشر ؟ تركته بين يدي الجليل وبين يديه مائدة من الطعام والجليل مقبل عليه وهو يقول : كل يا من لم يأكل ، واشرب يا من لم يشرب ، وانعم يا من لم ينعم . أو كما قال . وقال أبو محمد ابن أبي حاتم ، عن محمد بن مسلم بن وارة قال : لما مات أبو زرعة رأيته في المنام ، فقلت له : ما فعل الله بك ؟ فقال : قال لي الجبار : ألحقوه بأبي عبد الله ، وأبي عبد الله ، وأبي عبد الله ; مالك ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل . وقال عثمان بن خرزاد الأنطاكي : رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت وقد برز الرب لفصل القضاء ، وكأن مناديا ينادي من تحت بطنان العرش : أدخلوا أبا عبد الله ، وأبا عبد الله ، وأبا عبد الله وأبا عبد الله الجنة . قال : فقلت لملك إلى جانبي : من هؤلاء ؟ فقال : مالك ، والثوري ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل . وقال أبو بكر بن أبي خيثمة ، عن [ ص: 429 ] يحيى بن أيوب المقدسي قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم ، وهو نائم وعليه ثوب مغطى ، وأحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين يذبان عنه . وتقدم في ترجمة أحمد بن أبي دؤاد عن يحيى الجلاء أنه رأى كأن أحمد بن حنبل في حلقة بالمسجد الجامع ، وأحمد بن أبي دؤاد في حلقة أخرى ، وكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بين الحلقتين ، وهو يتلو هذه الآية أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء ويشير إلى حلقة ابن أبي دؤاد وأصحابه فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين [ الأنعام : 89 ] ويشير إلى أحمد بن حنبل ، وأصحابه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية