الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          من المتوسط المتحرك بعد المتحرك المفتوح بعد الفتح مسألة ( سأل ، وسألهم ، وملجأ ، وسألت ، ورأيت ، وشنآن ، والمآرب ) ونحوه ، ففيه وجه واحد ، وهو بين بين ، وحكي فيه وجه آخر ، وهو إبدال الهمزة ألفا ، ذكره في " الكافي " ، و " التبصرة " ، وقال : وليس بالمطرد ، وحكى ذلك أبو العز المالكي ، وقد ذكره من يخفف باتباع الرسم ، وليس بصحيح ؛ لخروجه عن القياس وضعفه رواية ، ولا يصح في مواضع نحو ( سالت ) لاجتماع ثلاثة سواكن فيه ، ولم يرد سكون ذلك في لغة العرب ، ولكن يقوى في نحو ( ملجا ، ومتكا ) على لغة من حمل على فعله . وقد نص على البدل فيه الهذلي ، وقد يكون على لغة من أجرى المنصوب مجرى المرفوع والمخفوض ، لكنه لم ترد به القراءة ، وكذلك الحكم فيما وقع بعد الهمزة فيه ألف نحو ( المآب ، وشنآن ) ولكن تحذف الألف من أجل اجتماعهما ، فيزداد ضعفا ، وكذلك حكم ( آناء ، ورأى ) لا يصح فيه سوى بين بين كما قدمنا ، وعلى الإبدال مع ضعفه بقدر الحذف ، أو الإثبات فيجتمع ساكنان فيمد ويتوسط وكله لا يصح ، ثم إنه لا فرق [ ص: 484 ] بين ما كان بعده ساكن نحو ( رأى القمر ) وبين غيره ، فإن الألف فيه هي صورة الهمزة ، والألف بعدها حذفت اختصارا لاجتماع المثلين لا لالتقاء الساكنين ، والدليل على حذفها اختصارا للتماثل إثباتها ياء في حرف النجم كما قدمنا ، وعلى أن حذفها ليس للساكنين حذفها فيما لم يكن بعد ساكن ، وتكلف بعض المتأخرين في ذلك ما لا يصح ، وحمل هشاما من ذلك ما لا يحمل كما زعم في ( تراي ) وليس في ذلك شيء يصح : ( وأما اشمازت ، واطمانوا ، وأملان ، وأرايت ) وبابه فقد حكي فيها وجه ثالث ، وهو الحذف على رسم بعض المصاحف ، وليس بصحيح ، وإن كان قد صح في ( أرايت ) وبابه من رواية الكسائي ، فإنه لا يلزم أن كل ما صح عن قارئ يصح عن قارئ آخر ، والله أعلم .

                                                          وأما المفتوح بعد كسر وبعد ضم فلا إشكال في إبدال همزته من جنس ما قبلها وجها واحدا ، وما حكي فيه من تسهيل بين بين فلا يصح .

                                                          ومن المضموم بعد الفتح مسألة ( رؤف ، وتؤزهم ) ونحوه فيه وجه واحد ، وهو بين بين ، وحكي فيه وجه ثان ، وهو واو مضمومة للرسم ولا يصح ، وأما نحو ( يطؤن ، ويطؤهم ، ويطؤكم ) ففيه وجه آخر ، وهو الحذف كقراءة أبي جعفر ، نص عليه الهذلي وغيره ، ونص صاحب " التجريد " على الحذف في ( يؤده ) ، وقياسه ( يؤسا ) وهو موافق للرسم فهو أرجح عند من يأخذ به ، وقال الهذلي : إنه الصحيح ، وحكي وجه ثالث وهو إبدالها واوا ، ذكره أبو العز القلانسي ، وقال ليس بشيء .

                                                          ومن المضموم بعد الضم مسألة ( بروسكم ، وروس الشياطين ) فيه وجهان : بين بين على القياس والثاني الحذف ، وهو الأولى عند الآخذين باتباع الرسم ، وقد نص عليه غير واحد .

                                                          ومن المضموم بعد الكسر مسألة ( ينبئك ، وسيئة ) ففيه وجهان : أحدهما بين بين ، أي : بين الهمزة والواو على مذهب سيبويه ، وهو الذي عليه الجمهور [ ص: 485 ] والثاني : إبدال الهمزة ياء على ما ذكر من مذهب الأخفش ، وهو المختار عند الآخذين بالتخفيف الرسمي كالداني وغيره كما تقدم ، وحكي فيه وجه ثالث ، وهو التسهيل بين الهمزة والياء ، وهو الوجه المعضل كما تقدم ، وحكي وجه رابع ، وهو إبدال الهمزة واوا ، وكلاهما لا يصح ، وأما إذا وقع بعد الهمزة واو نحو ( قل استهزئوا ، و يطفئوا ، ويستنبئونك ) ففيه وجه آخر ، وهو الحذف مع ضم ما قبل الواو كما تقدم ، وهو المختار عند أبي عمرو الداني ، ومن أخذ باتباع الرسم وذكر فيه كسر ما قبل الواو ، وهو الوجه الخامل فيصير فيه ستة أوجه ، الصحيح منها ثلاثة ، وهو التسهيل بين الهمزة والواو ، وحذف الهمزة والواو ، وحذف الهمزة مع ضم ما قبلها وإبدال الهمزة ياء ، وأما نحو ( يستهزون ، ومالئون ، ومتكئون ) مما يجتمع فيه ساكنان للوقف فيجوز في كل وجه من الأوجه المذكورة كل من الثلاثة الأوجه من المد والتوسط والقصر .

                                                          ومن المكسور بعد الفتح مسألة ( ييئس ، ويطمين ) ، ونحوه ، فيه وجه واحد ، وهو بين بين ، حكي فيه وجه ثان ، وهو إبدالها ياء ، ولا يجوز كذلك الحكم في ( جبريل ) وحكي فيه ياء واحدة مكسورة اتباعا للرسم ، ولا يصح من أجل أن ياء البنية لا تحذف ، وكذلك لا يجوز حذف الهمزة على الرسم أيضا لتغير البنية بفتح الراء قبل الياء الساكنة ، ونص الهذلي على إبدال همزته ياء ، وهو ضعيف . وكذلك ( بعذاب بئيس ) .

                                                          ومن المكسور بعد الكسرة مسألة ( باريكم ) فيه وجه واحد ، وهو بين بين ، وحكى إبدالها ياء على الرسم ونص عليه أبو القاسم الهذلي وغيره ، وهو ضعيف ، وأما ما وقع بعد همزته ياء نحو ( الصابئين ، و الخاطئين ، و خاسئين ، و متكئين ) ففيه وجه ثان ، وهو حذف الهمزة ، حكاه جماعة ، وهو المختار عند الآخذين باتباع الرسم ، وحكي فيه وجه ثالث ، وهو إبدال الهمزة ، ذكره الهذلي وغيره ، وهو ضعيف .

                                                          [ ص: 486 ] ومن المكسور بعد الضم مسألة ( سئل ، و سئلوا ) فيه وجهان أحدهما : بين الهمزة والياء على مذهب سيبويه ، وهو قول الجمهور ، والثاني : إبدال الهمزة واوا على مذهب الأخفش ، نص عليه الهذلي ، والقلانسي ، وجاء منصوصا عن خالد الطبيب .

                                                          فهذه جمل من مسائل الهمز المتوسط بنفسه والمتطرف

                                                          أوضحناها وشرحناها إجمالا وتفصيلا ليقاس عليها ما لم نذكره بحيث لم ندع في ذلك إشكالا ولله الحمد .

                                                          وأما المتوسط بغيره من زائد اتصل به رسما ولفظا ، أو لفظا فقط فلا إشكال فيه ; لأن حكمه حكم غيره ، وقد بينا ذلك فيما سلف ، ولكن نزيده بيانا وإيضاحا ليتم مقصودنا من إيصال دقائق هذا العلم لكل أحد ليحصل الثواب المأمول من كرم الله تعالى .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية