الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                13107 ( أخبرنا ) أبو عبد الله إسحاق بن محمد بن يوسف السوسي من أصله ، ثنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي ، ثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا أبو نعيم ، ثنا عمر بن ذر ، ثنا مجاهد ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه كان يقول: والله الذي لا إله إلا هو ، إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع ، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع ، ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه ، فمر بي أبو بكر - رضي الله عنه - فسألته عن آية من كتاب الله - عز وجل ؛ ما سألته إلا ليستتبعني ، فمر بي ولم يفعل ، ثم مر بي عمر ، فسألته عن آية من كتاب الله - عز وجل - ؛ ما سألته إلا ليستتبعني ، فمر بي ولم يفعل ، ثم مر بي أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - فتبسم حين رآني ، وعرف ما في نفسي وما في وجهي ، ثم قال: يا أبا هريرة ، قلت: لبيك يا رسول الله ، قال: الحق ، ومضى ، واتبعته ، فدخل ، واستأذنت فأذن لي ، فدخلت ، فوجدت لبنا في قدح ، فقال: من أين هذا اللبن ؟ قالوا: أهداه لك فلان أو فلانة ، قال أبا هريرة : فقلت: لبيك يا رسول الله ، قال: الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي ، قال: وأهل الصفة أضياف الإسلام ، لا يأوون إلى أهل ولا مال ، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا ، وإذا أتته هدية أرسل إليهم فأصاب منها وأشركهم فيها ، فساءني ذلك ، قلت: وما هذا اللبن في أهل الصفة - كنت أرجو أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها وأنا الرسول ، فإذا جاءوا أمرني أن أعطيهم ، وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بد - فأتيتهم ، فدعوتهم ، فأقبلوا حتى استأذنوا ، فأذن لهم ، وأخذوا مجالسهم من البيت ، فقال: يا أبا هريرة ، قلت: لبيك يا رسول الله ، قال: خذ فأعطهم ، فأخذت القدح ، فجعلت أعطيه الرجل ، فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح ، فأعطيه الآخر ، فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح حتى انتهيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد روي القوم كلهم ، فأخذ القدح ، فوضعه على يده ، ونظر إلي وتبسم ، وقال: يا أبا هريرة ، قلت: لبيك يا رسول الله ، قال: بقيت أنا وأنت ، قلت: صدقت يا رسول الله ، قال: اقعد فاشرب ، فقعدت وشربت ، فقال: اشرب ، فشربت ، ثم قال: اشرب ، [ ص: 84 ] فشربت ، فما زال يقول: اشرب ، فأشرب حتى قلت: لا ، والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكا ، قال: فادن ، فأعطيته القدح ، فحمد الله وسمى وشرب الفضلة . رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم ، والموضع المقصود من هذا الخبر في هذا الباب قوله: وأهل الصفة أضياف الإسلام لا يأوون إلى أهل ولا مال .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية