الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن أبا موسى الأشعري أتى عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها لقد شق علي اختلاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أمر إني لأعظم أن أستقبلك به فقالت ما هو ما كنت سائلا عنه أمك فسلني عنه فقال الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل فقالت إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل فقال أبو موسى الأشعري لا أسأل عن هذا أحدا بعدك أبدا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          106 104 - ( مالك عن يحيى بن سعيد ) بن قيس الأنصاري ولقيس صحبة .

                                                                                                          ( عن سعيد بن المسيب ) ابن حزن التابعي الكبير ولأبيه وجده صحبة .

                                                                                                          ( أن أبا موسى ) عبد الله بن قيس ( الأشعري ) الصحابي المشهور ( أتى عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لها : لقد شق ) صعب ( علي اختلاف أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمر إني لأعظم ) أفخم وأكبر ( أن أستقبلك ) أواجهك ( به ) لكونه مما يستحى من ذكره للنساء .

                                                                                                          ( فقالت : ما هو ؟ ) فإنه لا حياء في الدين ثم آنسته بقولها ( : ما كنت سائلا عنه أمك فسلني عنه ) زادت في مسلم : فإنما أنا أمك .

                                                                                                          ( فقال ) أبو موسى : ( الرجل يصيب أهله ) يجامع حليلته ( ثم يكسل ولا ينزل ) بضم الياء وكسر السين من أكسل أو بفتح الياء والسين من كسل من باب فرح يفرح ، قال ابن الأثير : أكسل الرجل إذا جامع ثم أدركه فتور فلم ينزل ، ومعناه صار ذا كسل ، وفي كتاب العين كسل الفحل إذا فتر عن الضراب .

                                                                                                          وفي القاموس : الكسل : التثاقل عن الشيء والفتور فيه كسل كفرح ، إلى أن قال : وأكسله الأمر ( فقالت : إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل ) قال ابن عبد البر : هذا وإن لم ترفعه ظاهرا يدخل في المرفوع بالمعنى والنظر لأنه محال أن ترى عائشة نفسها في رأيها حجة على الصحابة المختلفين فيه ، ومحال أن يسلم أبو موسى لها قولها من رأيها وقد خالفها صحابة برأيهم وكل واحد ليس بحجة على صاحبه في الرأي ، فلم يبق إلا أن أبا موسى علم أن ما احتجت به كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                          ( فقال أبو موسى الأشعري : لا أسأل عن هذا أحدا بعدك أبدا ) ، وتقدم أنه ورد عنها مرفوعا بهذا اللفظ في الترمذي وأحمد .

                                                                                                          وأخرج مسلم عن أبي موسى قال : اختلف في ذلك رهط من المهاجرين والأنصار فقال الأنصار : لا يجب الغسل إلا من الماء ، وقال المهاجرون : بل إذا خالط فقد وجب الغسل ، قال أبو موسى : فأنا أشفيكم في ذلك ، فقمت فاستأذنت على عائشة فأذن لي ، فقلت لها : يا أماه أو يا أم المؤمنين إني أسألك عن شيء وإني استحييتك ، فقالت : لا تستح أن تسأل عما كنت سائلا عنه أمك التي ولدتك فإنما أنا أمك ، قلت : ما يوجب الغسل ؟ قالت : على الخبير سقطت ، قال - صلى الله عليه وسلم - : " إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد [ ص: 199 ] وجب الغسل " وأخرج أيضا من رواية أم كلثوم عن عائشة : أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل هل عليهما الغسل ؟ وعائشة جالسة فقال - صلى الله عليه وسلم - : " إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل " .




                                                                                                          الخدمات العلمية