الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن كعب مولى عثمان بن عفان أن محمود بن لبيد الأنصاري سأل زيد بن ثابت عن الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل فقال زيد يغتسل فقال له محمود إن أبي بن كعب كان لا يرى الغسل فقال له زيد بن ثابت إن أبي بن كعب نزع عن ذلك قبل أن يموت

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          107 105 - ( مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن كعب ) الحميري المدني ( مولى عثمان بن عفان ) صدوق روى له مسلم والنسائي ( أن محمود بن لبيد ) بفتح اللام وكسر الموحدة ابن عقبة بن رافع ( الأنصاري ) الأوسي الأشهل أبا نعيم المدني صحابي صغير وجل روايته عن الصحابة ، مات سنة ست وتسعين وقيل سنة سبع وله تسع وتسعون سنة .

                                                                                                          ( سأل زيد بن ثابت ) أحد كتاب الوحي ( عن الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل ، فقال زيد : يغتسل ، فقال له محمود : إن أبي بن كعب كان لا يرى الغسل ، فقال له زيد بن ثابت : إن أبي بن كعب نزع ) بنون وزاي كف وأقلع ورجع ( عن ذلك قبل أن يموت ) وفي رجوعه دليل على أنه صح عنده أنه منسوخ ولولا ذلك لما رجع عنه .

                                                                                                          قال ابن عبد البر : ومر أن أبيا روى الأمر بالاغتسال عن المصطفى ، وروى ابن أبي شيبة والطبراني بإسناد حسن عن رفاعة بن رافع قال : " كنت عند عمر فقيل له : إن زيد بن ثابت يفتي الناس في المسجد بأنه لا غسل على من يجامع ولم ينزل ، فقال عمر : علي به ، فأتي به فقال : يا عدو نفسه أوبلغ من أمرك أن تفتي برأيك ؟ قال : ما فعلت يا أمير المؤمنين وإنما حدثني عمومتي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : أي عمومتك ؟ قال : أبي بن كعب وأبو أيوب ورفاعة ، فالتفت عمر إلي وقال : ما تقول ؟ قلت : كنا نفعله على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجمع عمر الناس فاتفقوا على أن الماء لا يكون إلا من الماء إلا علي ومعاذ فقالا : إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ، فقال عمر : قد اختلفتم وأنتم أهل بدر ، فقال علي لعمر : سل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسل إلى حفصة فقالت : لا أعلم ، فأرسل إلى عائشة فقالت : إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل ، فتحطم عمر أي تغيظ وقال : لا أوتي بأحد فعله ولم يغتسل إلا أنهكته عقوبة " فلعل إفتاء زيد لمحمود بن لبيد بقوله : يغتسل ، كان بعد هذه القصة إلا أنه يشكل عليها ما صح عن أبي بن كعب أن الماء من الماء رخصة كان رخص بها النبي - صلى الله عليه وسلم - أول الإسلام ثم أمر بالاغتسال كما مر إلا أن يقال : لم يكن حاضرا مع الناس الذين جمعهم عمر وكان [ ص: 200 ] حاضرا وخشي على زيد لأنه سمع منه الرخصة ولم يسمع منه النسخ فأراد أبي أن يشهر النسخ لعلمه بأن عمر يبحث عن ذلك ويستثبته والله أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية