الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني مالك عن محمد بن المنكدر عن أميمة بنت رقيقة أنها قالت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة بايعنه على الإسلام فقلن يا رسول الله نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما استطعتن وأطقتن قالت فقلن الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا هلم نبايعك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة أو مثل قولي لامرأة واحدة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1842 1795 - ( مالك عن محمد بن المنكدر ) بن عبد الله التيمي المدني الفاضل ، الثقة ( عن أميمة ) - بضم الهمزة ، وفتح الميم ، وتحتية ساكنة ، وميم وهاء - تأنيث ( بنت رقيقة ) - بقافين - مصغر بنت خويلد بن أسد أخت خديجة - أم المؤمنين - فهي خالة أميمة بنت بجاه - بموحدة ، وجيم ، وهاء - بنت نجاد بن عبد الله بن عمير ، ويقال : بنت عبد الله بن نجاد القرشية التميمية ، ( قالت : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ) جملة ( نسوة بايعنه على الإسلام فقلت : يا رسول الله نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئا ) عام ؛ لأنه نكرة في سياق النهي كالنفي ، وقدم على ما بعده ؛ لأنه الأصل ، ( ولا نسرق ) حذف المفعول دلالة على العموم كان فيه قطع أم لا ، ( ولا نزني ) ، كان فيه الرجم ، أو الجلد ، ( ولا نقتل أولادنا ) خصهم بالذكر ؛ لأنهم كانوا غالبا يقتلونهم خشية إملاق ، ولأنه [ ص: 633 ] قتل ، وقطيعة رحم ، فصرف العناية إليه أكثر .

                                                                                                          ( ولا نأتي ببهتان ) ، أي : بكذب يبهت سامعه ، أي : يدهشه لفظا عنه كالرمي بالزنى والفضيحة والعار ، ( نفتريه ) نختلقه ( بين أيدينا وأرجلنا ) ، أي : من قبل أنفسنا ، فكنى بالأيدي والأرجل عن الذات ؛ لأن معظم الأفعال بهما ، أو أن البهتان ناشئ عما يختلقه القلب الذي هو بين الأيدي والأرجل ، ثم يبرزه بلسانه ، أو المعنى : لا نبهت الناس بالمعايب كفاحا مواجهة ، ( ولا نعصيك في معروف ) ، كما أمر الله به ، والتقييد به تطييبا لقلوبهن ؛ إذ لا يأمر إلا به ، أو تنبيها على أنه لا تجوز طاعة مخلوق في معصية الخالق ، وقيل : المعروف هنا أن لا ينحن على موتاهن ، ولا يخلون بالرجال في البيوت ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، وغيرهما ، أسنده أبو عمر .

                                                                                                          ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فيما استطعتن وأطقتن ) ، لا في غيره ؛ لأن الله لم يحمل هذه الأمة ما لا طاقة لها به ، ( قالت ) أميمة : ( فقلن ) ، أي : النسوة ( الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا هلم نبايعك يا رسول الله ) ، مصافحة باليد كما يصافح الرجال عند البيعة ، وفي النسائي من طريق ابن عيينة عن ابن المنكدر عن أميمة فقلن : ابسط يدك نصافحك ، ( فقال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم - : إني لا أصافح النساء ) ، لا أضع يدي في أيديهن ، قال الحافظ : وجاءت أخبار أخرى أنهن كن يأخذن بيده عند المبايعة من فوق ثوبه ، أخرجه يحيى بن سلام في تفسيره عن الشعبي ، انتهى .

                                                                                                          وأخرجه ابن عبد البر عن عطاء ، وعن قيس بن أبي حازم : " أن النبي - صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم - إذا بايع لم يصافح النساء ، إلا وعلى يده ثوب " ، وفي البخاري عن عائشة : " كان - صلى الله عليه وسلم - يبايع النساء بالكلام بهذه الآية لا يشركن ، وما مست يده يد امرأة إلا امرأة يملكها " ، ( إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة ، أو ) قال ( مثل قولي لامرأة واحدة ) ، شك الراوي ، وهذا غاية في التحري للمسموع ، إذ المعنى واحد فلما شك لم يقنع بأحد اللفظين ، والحديث في الترمذي ، والنسائي من طريق مالك وغيره ، وصححه ابن حبان ، وفي مسلم من طريق ابن وهب حدثني مالك عن ابن شهاب عن عروة : أن عائشة أخبرته عن بيعة النساء ، قالت : " ما مس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده امرأة قط ، إلا أن يأخذ عليها ، فإذا أخذ عليها فأعطته قال : اذهبي فقد بايعتك " .




                                                                                                          الخدمات العلمية