الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3185 - وعنه ، قال : إن رجلا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن لي جارية هي خادمتنا وأنا أطوف عليها وأكره أن تحمل فقال : " اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها " فلبث الرجل ثم أتاه قال : إن الجارية قد حبلت . قال : " قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها . رواه مسلم .

التالي السابق


3185 - ( وعنه ) أي : عن جابر ( قال : إن رجلا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن لي جارية هي خادمتنا ) احتراز من أن تكون الجارية بمعنى البنت ( وأنا أطوف عليها ) أي : أجامعها ( وأكره أن تحمل ) أي : تحبل مني ( قال : اعزل عنها إن شئت ) قال ابن الملك : " فيه جواز العزل وإنه في الأمة بمشيئة الواطئ " اه ، وإطلاقه غير صحيح ، قال ابن همام : " في بعض أجوبة المشايخ الكراهة وفي بعضها عدمه ، ثم على الجواز في أمته لا يفتقر إلى إذنها ، وفي زوجته الحرة يفتقر إلى رضاها ، وفي منكوحته الأمة يفتقر إلى الإذن والخلاف في أنه للسيد كما قال أبو حنيفة وهو ظاهر الرواية ، أولها كقولها أو كرواية عنهما ، وقال الطيبي - رحمه الله - : إن شئت أن لا تحبل وذلك لا ينفعك ثم علله بقوله ( فإنه ) أي : الشأن ( سيأتيها ما قدر لها ) أي : من الحمل وغيره سواء عزلت أو لا ، وفيه مؤكدات أن وضمير الشأن وسين الاستقبال ( فلبث الرجل ثم أتاه ) أي : النبي صلى الله عليه وسلم ( قال : إن الجارية قد حبلت ) كفرح على ما في القاموس وغيره ( قال : قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها ) قال النووي : " فيه دلالة على إلحاق النسب مع العزل " اه ; لأن الماء قد يسبق . قال ابن الهمام : ثم إذا عزل بإذن وظهر بها حبل ، هل يحل نفيه ؟ قالوا : إن لم يعد إليها أو عاد ولكن بال قبل العود حل نفيه ، وإن لم يبل لا يحل كذا روي عن علي - رضي الله عنه - ; لأن بقية المني في ذكره يسقط فيها ، وكذا قال أبو حنيفة فيما إذا اغتسل من الجنابة قبل البول ثم بال فخرج المني وجب إعادة الغسل ، وفي فتاوى قاضي خان : رجل له جارية غير محصنة وتخرج وتدخل ويعزل عنها المولى فجاءت بولد ، وأكبر ظنه أنه ليس منه كان في سعة من نفيه ، وإن كانت محصنة لا يسعه نفيه ، لأنه ربما يعزل فيقع الماء في الفرج الخارج ثم يدخل فلا يعتمد على العزل ( رواه مسلم ) ولفظه عند ابن الهمام : عن جابر قال : سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن عندي جارية وأنا أعزل عنها فقال عليه الصلاة والسلام : " إن ذلك لا يمنع شيئا أراده الله تعالى " . فجاء الرجل فقال يا رسول الله إن الجارية التي كنت ذكرتها لك قد حملت . فقال عليه الصلاة والسلام : أنا عبد الله ورسوله قال فهذه الأحاديث ظاهرة في جواز العزل .

[ ص: 2091 ]



الخدمات العلمية