الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3308 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال سعد بن عبادة : لو وجدت مع أهلي رجلا لم أمسه حتى آتي بأربعة شهداء ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له : " نعم " . قال : كلا ، والذي بعثك بالحق إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( اسمعوا إلى ما يقول سيدكم ، إنه لغيور ، وأنا أغير منه ، والله أغير مني . رواه مسلم .

التالي السابق


3308 - ( وعن أبي هريرة قال : قال سعد بن عبادة : لو وجدت ) : أي : صادفت ( مع أهلي رجلا : أي أجنبيا ( لم أمسه ) : بحذف الاستفهام الاستبعادي أي : لم أضربه ولم أقتله ( حتى آتي ) : بهمزة ممدودة وكسر الفوقية ، أي : حتى أجيء ( بأربعة شهداء ؟ ) قال : ( نعم ) : ( قال ) : أي : سعد ( كلا ، والذي بعثك بالحق إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك ) : أي : من غير إتيان ، وإن مخففة من المثقلة ، واللام هي الفارقة ، وضمير الشأن محذوف ، وفي الكلام تأكيد . قال النووي : ليس قوله " كلا " ردا لقوله - صلى الله عليه وسلم - ومخالفة لأمره ، وإنما معناه الإخبار عن حالة نفسه عند رؤيته الرجل مع امرأته ، واستيلاء الغضب عليه ، فإنه حينئذ يعاجله بالسيف ( قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اسمعوا إلى ما يقول ) عدى السمع بـ ( إلى ) : لتضمنه معنى الإصغاء أي : استمعوا إلى ما يذكر ( سيدكم ) قال ميرك : كذا وقع في بعض الروايات الصحيحة المشهورة ، ونقل صاحب الكشاف أنه وقع في أكثر الروايات : سيدنا ، ثم قال : وإضافته لا تخلو من أحد ثلاثة أوجه : إما أنه يضاف إلى من ساده وليس بالوجه هاهنا ، وإما أنه يريد أنه السيد عندنا ، والمشهود له بالسيادة بين أظهرنا ، أو الذي سيدناه على قومه كما يقول السلطان : فلان أميرنا . قال : وروي : " إلى سيدكم " قال : والسيد فعل من ساد يسود قلبت واوه ياء لموافقتها الياء وسبقها بالسكون ، وقول أم الدرداء : حدثني سيدي أبو الدرداء ، أرادت معنى السيادة تعظيما له أو أرادت ملك الزوجية من قوله تعالى : ( وألفيا سيدها لدى الباب ) ( إنه لغيور ) فيه اعتذار منه - صلى الله عليه وسلم - لسعد ، وأن ما قاله سعد قاله لغيرته ، وفي ذكر السيد هنا إشارة إلى أن الغيرة من شيمة كرام الناس وساداتهم ، ولذا أتبعه بقوله : ( وأنا أغير منه ، والله أغير مني ) قال المظهر : يشبه أن مراجعة سعد النبي - صلى الله عليه وسلم - كان طمعا في الرخصة لا ردا لقوله - صلى الله عليه وسلم - فلما أبى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكت وانقاد ، وفي النهاية : الغيرة : الحمية والأنفة ، وغيور بناء مبالغة كشكور وكفور ، وفي شرح السنة : الغيرة من الله - تعالى - الزجر ، والله غيور أي : زجور يزجر عن المعاصي ; لأن الغيرة تغير يعتري الإنسان عند رؤية ما يكرهه على الأهل ، وهو على الله تعالى محال . ( رواه مسلم ) .

[ ص: 2164 ]



الخدمات العلمية