الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ولا يعزل عن الحرة إلا بإذنها ، ولا عن الأمة إلا بإذن سيدها ، وله إجبارها على غسل الحيض ، والجنابة ، والنجاسة ، واجتناب المحرمات ، وأخذ الشعر الذي تعافه النفس إلا الذمية ، فله إجبارها على الغسل من الحيض ، وفي سائر الأشياء روايتان .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ولا يعزل ) أي : ينزع قرب الإنزال فينزل خارج الفرج ( عن الحرة إلا بإذنها ) ; لما روى ابن عمر قال : نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها رواه أحمد وابن ماجه; ولأنه يقطع [ ص: 195 ] اللذة عن الموطوءة ، ولها حق في الولد عليها ضرر ، فلم يجز إلا بإذنها ، إلا بدار حرب ، فيسن عزله مطلقا ، ذكره في " الفصول " ، وهو ظاهر الخرقي ( ولا عن الأمة ) المعقود عليها ( إلا بإذن سيدها ) ; لأن الولد حق للسيد ، فاشترط إذنه ، وهذا إذا لم يشترط حريته ، وقيل : وإذنها; لأنها زوجة تملك المطالبة بالوطء في الفيأة والفسخ عند تعذره بالعنة ، وترك العزل من تمامه ، فلم يجز إلا بإذنها كالحرة ، وقيل : يباح العزل مطلقا ، روى عن علي ، وسعد بن أبي وقاص ، وأبي أيوب ، وزيد بن ثابت ، وجابر ، وابن عباس ، استدلالا بمفهوم حديث الحرة; ولأن حقها في الوطء دون الإنزال ، بدليل أنه يخرج من الفيئة والعنة ، وقيل عكسه ، وظاهره : أنه يجوز من أمته ، نص عليه; لأنه لا حق لها في الوطء ولا في الولد ، فلم يملك المطالبة بالقسم والفيئة ، فلأن لا يملك المنع من العزل أولى ، وفي أم الولد وجهان ( وله إجبارها على غسل الحيض ) والنفاس ، مسلمة كانت أم ذمية ، حرة أو أمة; لأنه يمنع الاستمتاع الذي هو حق له ، فملك إجبارها على إزالة ما يمنع حقه ، فإن احتاجت إلى شراء ماء ، فثمنه عليه في الأشهر ( والجنابة ) أي : له إجبار المسلمة عليه; لأنه واجب عليها ، وفي " الواضح " : ظاهر المذهب : لا ، وفي " المحرر " روايتان ( والنجاسة ) فإن كانت في فيها فله إجبارها على غسله ليتمكن من الاستمتاع بفيها ، وكذا لو تزوج مسلمة تعتقد إباحة يسير النبيذ ( واجتناب المحرمات ) كالسكر; لأنه واجب عليها لا ما دونه ، نص عليه ، وتمنع من دخول كنيسة وبيعة ، وشد الزنار ، ولا يشتريه لها ، نص عليه ( وأخذ الشعر الذي تعافه النفس ) كشعر العانة إذا طال رواية واحدة ، ذكره القاضي ، وكذا الأظفار ، [ ص: 196 ] فإن طالا قليلا بحيث لا تعافه النفس فوجهان ، وهل له منعها من أكل ذي رائحة كريهة كبصل وكراث ؛ فيه وجهان ، والصحيح تمنع ( إلا الذمية ، فله إجبارها على الغسل من الحيض ) والنفاس على الأصح; لأن إباحة الوطء تقف عليه ، والثانية : لا تجبر على ذلك ، فعلى ذلك يطأ بدونه ( وفي سائر ) أي : باقي ( الأشياء روايتان ) أصحهما أنها تجبر; لأن كمال الاستمتاع يقف عليه ، إذ النفس تعاف وطء من عليها غسل أو شربت مسكرا أو لها شعرة ، والثانية : لا تجبر; لأن غسل الجنابة والنجاسة واجتناب المحرم عندنا غير واجب عليها ، وإزالة الشعر غير مشروع عندنا إلا شعر العانة إذا خرج عن العادة ، فله إجبارها عليه رواية واحدة ، ذكره في " المغني " و " الشرح " ، وفي التنظيف والاستحداد وتقليم الأظفار وجهان ، قال القاضي : له إجبارها على الاستحداد إذا طال الشعر .




                                                                                                                          الخدمات العلمية