الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              [ ص: 92 ] ( 78 ) باب ذكر الدليل على أن الماء إذا خالطه فرث ما يؤكل لحمه لم ينجس " .

              101 - أخبرنا أبو طاهر ، نا أبو بكر ، نا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن عتبة بن أبي عتبة ، عن نافع بن جبير ، عن عبد الله بن عباس : أنه قيل لعمر بن الخطاب حدثنا من شأن ساعة العسرة ، فقال عمر : خرجنا إلى تبوك في قيظ شديد ، فنزلنا منزلا أصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع حتى أن كان الرجل ليذهب يلتمس الماء فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع ، حتى إن الرجل ينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ويجعل ما بقي على كبده ، فقال أبو بكر الصديق : يا رسول الله ، إن الله قد عودك في الدعاء خيرا فادع لنا ، فقال : " أتحب ذلك ؟ " قال : نعم . فرفع يديه فلم يرجعهما حتى قالت السماء فأظلمت ، ثم سكبت فملئوا ما معهم ، ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جازت العسكر .

              قال أبو بكر : " فلو كان ماء الفرث إذا عصر نجسا لم يجز للمرء أن يجعله على كبده فينجس بعض بدنه ، وهو غير واجد لماء طاهر يغسل موضع النجس منه ، فأما شرب الماء النجس عند خوف التلف إن لم يشرب ذلك الماء فجائز إحياء النفس بشرب ماء نجس ، إذ الله - عز وجل - قد أباح عند الاضطرار إحياء النفس بأكل الميتة والدم ولحم الخنزير إذا خيف التلف إن لم يأكل ذلك . والميتة والدم ولحم الخنزير نجس محرم على المستغني عنه مباح للمضطر إليه لإحياء النفس بأكله ، فكذلك جائز للمضطر إلى الماء [ ص: 93 ] النجس أن يحيي نفسه بشرب ماء نجس إذا خاف التلف على نفسه بترك شربه ، فأما أن يجعل ماء نجسا على بعض بدنه ، والعلم محيط أنه إن لم يجعل ذلك الماء النجس على بدنه لم يخف التلف على نفسه ، ولا كان في إمساس ذلك الماء النجس بعض بدنه إحياء نفسه بذلك ، ولا عنده ماء طاهر يغسل ما نجس من بدنه بذلك الماء فهذا غير جائز ، ولا واسع لأحد فعله " .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية