الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ثفن ]

                                                          ثفن : الثفنة من البعير والناقة : الركبة وما مس الأرض من كركرته وسعداناته وأصول أفخاذه ، وفي الصحاح : هو ما يقع على الأرض من أعضائه إذا استناخ وغلظ كالركبتين وغيرهما ; وقيل : هو كل ما ولي الأرض من كل ذي أربع إذا برك أو ربض ، والجمع ثفن وثفنات ، والكركرة إحدى الثفنات وهي خمس بها ; قال العجاج :


                                                          خوى على مستويات خمس كركرة وثفنات ملس

                                                          قال ذو الرمة ، فجعل الكركرة من الثفنات :


                                                          كأن مخواها على ثفناتها     معرس خمس من قطا متجاور
                                                          وقعن اثنتين واثنتين وفردة     جرائدا هي الوسطى لتغليس حائر

                                                          قال الشاعر يصف ناقة :


                                                          ذات انتباذ عن الحادي إذا بركت     خوت على ثفنات محزئلات

                                                          وقال عمر بن أبي ربيعة يصف أربع رواحل وبروكها :


                                                          على قلوصين من ركابهم     وعنتريسين فيهما شجع
                                                          كأنما غادرت كلاكلها     والثفنات الخفاف إذ وقعوا
                                                          موقع عشرين من قطا زمر     وقعن خمسا خمسا معا شبع

                                                          قال ابن السكيت : الثفينة موصل الفخذ في الساق من باطن وموصل الوظيف في الذراع ، فشبه آبار كراكرها وثفناتها بمجاثم القطا ، وإنما أراد خفة بروكهن . وثفنته الناقة تثفنه - بالكسر - ثفنا : ضربته بثفناتها ، قال : وليس الثفنات مما يخص البعير دون غيره من الحيوان ، وإنما الثفنات من كل ذي أربع ما يصيب الأرض منه إذا برك ، ويحصل فيه غلظ من أثر البروك ، فالركبتان من الثفنات ، وكذلك المرفقان وكركرة البعير أيضا ، وإنما سميت ثفنات ; لأنها تغلظ في الأغلب من مباشرة الأرض وقت البروك ، ومنه ثفنت يده إذا غلظت من العمل . وفي حديث أنس : أنه كان عند ثفنة ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع . وفي حديث ابن عباس في ذكر الخوارج وأيديهم : كأنها ثفن الإبل ; هو جمع ثفنة . والثفنة من الإبل : التي تضرب بثفناتها عند الحلب ، وهي أيسر أمرا من الضجور . والثفنة : ركبة الإنسان ، وقيل لعبد الله بن وهب الراسبي رئيس الخوارج ذو الثفنات لكثرة صلاته ، ولأن طول السجود كان أثر في ثفناته . وفي حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - : رأى رجلا بين عينيه مثل ثفنة البعير ، فقال : لو لم تكن هذه كان خيرا ; يعني كان على جبهته أثر السجود ، وإنما كرهها خوفا من الرياء بها ; وقيل : الثفنة مجتمع الساق والفخذ ; وقيل : الثفنات من الإبل ما تقدم ، ومن الخيل موصل الفخذ في الساقين من باطنها ، وقول أمية بن أبي عائذ :


                                                          فذلك يوم لن ترى أم نافع     على مثفن من ولد صعدة قندل

                                                          قال : يجوز أن يكون أراد بمثفن عظيم الثفنات أو الشديدها ; يعني حمارا ، فاستعار له الثفنات ، وإنما هي للبعير . وثفنتا الجلة : حافتا أسفلها من التمر ; عن أبي حنيفة . وثفن المزادة : جوانبها المخروزة . وثفنه ثفنا : دفعه وضربه . وثفنت يده - بالكسر - تثفن ثفنا : غلظت من العمل . وأثفن العمل يده . والثفنة : العدد والجماعة من الناس . قال ابن الأعرابي في حديث له : إن في الحرماز اليوم الثفنة أثفية من أثافي الناس صلبة ; ابن الأعرابي : الثفن الثقل ، وقال غيره : الثفن الدفع . وقد ثفنه ثفنا إذا دفعه . وفي حديث بعضهم : فحمل على الكتيبة فجعل يثفنها أي : يطردها ; قال الهروي : ويجوز أن يكون يفنها ، والفن الطرد . وثافنت الرجل مثافنة أي : صاحبته لا يخفى علي شيء من أمره ، وذلك أن تصحبه حتى تعلم أمره . وثفن الشيء يثفنه ثفنا : لزمه . ورجل مثفن لخصمه : ملازم له ; قال رؤبة في معناه :


                                                          أليس ملوي الملاوى مثفن

                                                          وثافن الرجل إذا باطنه ولزمه حتى يعرف دخلته . والمثافن : المواظب . ويقال : ثافنت فلانا إذا حاببته تحادثه وتلازمه وتكلمه . قال أبو عبيد : المثافن والمثابر والمواظب واحد . وثافنت فلانا : جالسته . ويقال : اشتقاقه من الأول ، كأنك ألصقت ثفنة ركبتك بثفنة ركبته ، ويقال أيضا : ثافنت الرجل على الشيء إذا أعنته عليه . وجاء يثفن أي : يطرد شيئا من خلفه قد كاد يلحقه . ومر يثفنهم ويثفنهم ثفنا أي : يتبعهم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية