الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ثمم ]

                                                          ثمم : ابن الأعرابي : ثم إذا حشي ، وثم إذا أصلح . ابن سيده : ثم يثم - بالضم - ثما أصلح . وثممت الشيء أثمه - بالضم - ثما إذا أصلحته ورممته بالثمام ; ومنه قيل : ثممت أموري إذا أصلحتها ورممتها . وروي عن عروة بن الزبير أنه ذكر أحيحة بن الجلاح وقول أخواله فيه : كنا أهل ثمه ورمه حتى استوى على عممه وعممه ، قال أبو عبيد : المحدثون هكذا يروونه بالضم ، ووجهه عندي بالفتح . والثم : إصلاح الشيء وإحكامه ، وهو والرم بمعنى الإصلاح ، وقيل : هما - بالضم - مصدران كالشكر أو بمعنى المفعول كالذخر أي : كنا أهل تربيته والمتولين لإصلاح شأنه ، يقال منه : ثممت أثم ثما ; وقال هميان بن قحافة يذكر الإبل وألبانها :


                                                          حتى إذا ما قضت الحوائجا وملأت حلابها الخلانجا     منها وثموا الأوطب النواشجا

                                                          قال : أراد أنهم شدوها وأحكموها ، قال : والنواشج الممتلئة ; قال أبو منصور : يعني بقوله : ثموا الأوطب النواشج أي : فرشوا لها الثمام وظللوها به ، قال : وهكذا سمعت العرب تقول : ثممت السقاء إذا فرشت له الثمام ، وجعلته فوقه لئلا تصيبه الشمس فيتقطع لبنه . والثمام : نبت معروف في البادية ولا تجهده النعم إلا في الجدوبة ، قال : وهو الثمة أيضا ، وربما خفف فقيل : الثمة والثمه : الثمام . ورجل معم مثم ملم للذي يصلح الأمر ويقوم به . ابن شميل : المثم الذي يرعى على من لا راعي له ، ويفقر من لا ظهر له ، ويثم ما عجز عنه الحي من أمرهم ، وإذا كان الرجل شديدا يأتي من وراء الصاغية ويحمل الزيادة ويرد الركاب قيل له : مثم ، وإنه لمثم لأسافل الأشياء . ومثم الفرس - بالفتح - : منقطع سرته والمثمة مثله . وثم الشيء يثمه ثما : جمعه وأكثر ما يستعمل في الحشيش . ويقال : هو يثمه ويقمه أي : يكنسه ويجمع الجيد والرديء . ورجل مثم ومقم - بكسر الميم - إذا كان كذلك ، ومثمة ومقمة أيضا ، الهاء للمبالغة . وقال أعرابي : جعجع بي الدهر عن ثمه ورمه أي : عن قليله وكثيره . والثمة - بالضم - : القبضة من الحشيش . وثم يده بالحشيش أو الأرض : مسحها ، وثممت يدي كذلك . وانثم عليه أي : انثال عليه . وانثم جسم فلان أي : داب مثل انهم ; عن ابن السكيت . أبو حنيفة : الثم لغة في الثمام ، الواحدة ثمة ; قال الشاعر :


                                                          فأصبح فيه آل خيم منضد     وثم على عرش الخيام غسيل

                                                          وقالوا في المثل لنجاح الحاجة : هو على رأس الثمة ; وقال :


                                                          لا تحسبي أن يدي في غمه     في قعر نحي أستثير جمه
                                                          أمسحها بتربة أو ثمه

                                                          وثمت الشاة الشيء والنبات بفيها تثمه ثما ، وهي ثموم ، قلعته بفيها ، وكل ما مرت به ، وهي شاة ثموم . الأموي : الثموم من الغنم التي تقلع الشيء بفيها ، يقال منه : ثممت أثم ، والعرب تقول للشيء الذي لا يعسر تناوله : هو على طرف الثمام ، وذلك أن الثمام لا يطول فيشق تناوله . أبو الهيثم : تقول العرب في التشبيه هو أبوه على طرف الثمة ، إذا كان يشبهه ، وبعضهم يقول الثمة - مفتوحة - . قال : والثمة الثمام إذا نزع فجعل تحت الأساقي . يقال : ثممت السقاء أثمه إذا [ ص: 42 ] جعلت تحته الثمة ، ويقال : ثم لها أي : اجمع لها . وثم الشيء يثمه وثممه : وطئه ، والاسم الثم ، وكذلك ثم الوطأة . وثمم الكسر : لغة في ثمم ، ويقال ذلك على الثمة ، يضرب مثلا في النجاح . وانثم الشيخ انثماما : ولى وكبر وهرم . وثم الطعام ثما : أكل جيده . وما له ثم ولا رم : فالثم قماش الناس أساقيهم وآنيتهم ، والرم مرمة البيت . وما يملك ثما ولا رما أي : قليلا ولا كثيرا ، لا يستعمل إلا في النفي . قال أبو منصور : الثم والرم صحيح من كلام العرب . قال أبو عمرو : الثم والرم ; وأنشد لأبي سلمة المحاربي :


                                                          ثممت حوائجي ووذأت عمرا     فبئس معرس الركب السغاب

                                                          ثممت : أصلحت ، ومنه قولهم : كنا أهل ثمه ورمه . والثمام : شجر ، واحدته ثمامة ، وثمة عن كراع ; قال ابن سيده : لا أدري كيف ذلك ، وبه فسر قولهم : هو لك على رأس الثمة ، وبها سمي الرجل ثمامة . والثمام : نبت ضعيف له خوص أو شبيه بالخوص ، وربما حشي به وسد به خصاص البيوت ; قال الشاعر يصف ضعيف الثمام :


                                                          ولو أن ما أبقيت مني معلق     بعود ثمام ما تأود عودها

                                                          وفي حديث عمر : اغزوا والغزو حلو خضر قبل أن يصير ثماما ثم رماما ثم حطاما ; والثمام : نبت ضعيف قصير لا يطول ، والرمام : البالي ، والحطام : المتكسر المتفتت ; المعنى : اغزوا وأنتم تنصرون وتوفرون غنائمكم قبل أن يهن ويضعف ويصير كالثمام . والثمام : ما يبس من الأغصان التي توضع تحت النضد . وبيت مثموم : مغطى بالثمام ، وكذلك الوطب ، وهو على طرف الثمام أي : ممكن لا محال ; عن ابن الأعرابي . الأزهري : الثمام أنواع : فمنها الضعة ، ومنها الجليلة ، ومنها الغرف ، وهو شبيه بالأسل ، وتتخذ منه المكانس ، ويظلل به المزاد فيبرد الماء . وشاة ثموم : تأكل الثمام ، وقد قلنا : إنها التي تقلع الشيء بفيها . ابن السكيت : ثممت العظم تثميما ، وذلك إذا كان عنتا فأبنته . والثميمة : التامورة المشدودة الرأس ، وهي الثفال ، وهي الإبريق . وثم - بفتح الثاء - : إشارة إلى المكان ; قال الله - عز وجل - : وإذا رأيت ثم رأيت نعيما ; قال الزجاج : ثم يعني به الجنة ، والعامل في ثم معنى رأيت ، المعنى وإذا رميت ببصرك ثم ؛ وقال الفراء : المعنى إذا رأيت ما ثم رأيت نعيما ; وقال الزجاج : هذا غلط ; لأن ما موصولة بقوله ثم على هذا التفسير ، ولا يجوز إسقاط الموصول وترك الصلة ، ولكن رأيت متعد في المعنى إلى ثم . وأما قول الله - عز وجل - : فأينما تولوا فثم وجه الله ، فإن الزجاج قال أيضا : ثم موضعه موضع نصب ، ولكنه مبني على الفتح ، ولا يجوز أن يكون ثما زيد ، وإنما بني على الفتح لالتقاء الساكنين . وثم في المكان : إشارة إلى مكان منزاح عنك ، وإنما منعت ثم الإعراب لإبهامها ، قال : ولا أعلم أحدا شرح ثم هذا الشرح ، وأما هنا فهو إشارة إلى القريب منك . وثم : بمعنى هناك ، وهو للتبعيد بمنزلة هنا للتقريب . قال أبو إسحاق : ثم في الكلام إشارة بمنزلة هناك زيد ، وهو المكان البعيد منك ، ومنعت الإعراب لإبهامها ، وبقيت على الفتح لالتقاء الساكنين . وثمت أيضا : بمعنى ثم . وثم وثمت وثمت ، كلها : حرف نسق ، والفاء في كل ذلك بدل من الثاء ; لكثرة الاستعمال . الليث : ثم حرف من حروف النسق لا يشرك ما بعدها بما قبلها إلا أنها تبين الآخر من الأول ، وأما قوله : خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها ، والزوج مخلوق قبل الولد ، فالمعنى أن يجعل خلقه الزوج مردودا على واحدة ، المعنى خلقها واحدة ثم جعل منها زوجها ، ونحو ذلك قال الزجاج ، قال : المعنى خلقكم من نفس خلقها واحدة ، ثم جعل منها زوجها أي : خلق منها زوجها قبلكم ; قال : وثم لا تكون في العطوف إلا لشيء بعد شيء ، والعرب تزيد في ثم تاء ، تقول : فعلت كذا وكذا ثمت فعلت كذا ; وقال الشاعر :


                                                          ولقد أمر على اللئيم يسبني     فمضيت ثمت قلت لا يعنيني

                                                          وقال الشاعر :


                                                          ثمت ينباع انبياع الشجاع

                                                          وثم : حرف عطف يدل على الترتيب والتراخي .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية