الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 364 ] كتاب الهبة قسم الشافعي - رضي الله عنه - العطايا ، فقال : تبرع الإنسان بماله على غيره ينقسم إلى معلق بالموت

                                                                                                                                                                        [ وهو ] الوصية ، وإلى منجز في الحياة ، وهو ضربان : أحدهما : تمليك محض ، كالهبات والصدقات ، والثاني : الوقف . والتمليك المحض ثلاثة أنواع : الهبة ، والهدية ، وصدقة التطوع ، وسبيل ضبطها أن نقول : التمليك لا بعوض هبة ، فإن انضم إليه حمل الموهوب من مكان إلى مكان الموهوب له إعظاما له ، أو إكراما فهو هدية ، وإن انضم إليه كون التمليك للمحتاج تقربا إلى الله تعالى ، وطلبا لثواب الآخرة ، فهو صدقة ، فامتياز الهدية عن الهبة بالنقل والحمل من موضع إلى موضع ، ومنه إهداء النعم إلى الحرم ، ولذلك لا يدخل لفظ الهدية في العقار بحال ، فلا يقال : أهدى إليه دارا ، ولا أرضا ، وإنما يطلق ذلك في المنقولات كالثياب ، والعبيد ، فحصل من هذا أن هذه الأنواع تفترق بالعموم ، والخصوص ، فكل هدية ، وصدقة هبة ، ولا تنعكس . ولهذا لو حلف لا يهب فتصدق حنث ، وبالعكس لا يحنث ، واختلفوا في أنه هل يشترط في حد الهدية أن يكون بين المهدي والمهدى إليه رسول أو متوسط أم لا ؟ فحكى أبو عبد الله الزبيري ، فيما إذا حلف لا يهدي إليه ، فوهب له خاتما ، أو نحوه يدا بيد ، هل يحنث ؟ وجهين ، والأصح : أنه لا يشترط ، وينتظم أن يقول لمن حضر عنده : هذه هديتي أهديتها لك . وهذه الأنواع الثلاثة مندوب إليها ، وتفترق في أحكام ، وتشترك في أحكام ، وسيأتي بيانها - إن شاء الله تعالى - .

                                                                                                                                                                        [ ص: 365 ] قلت : قال أصحابنا : وفعلها مع الأقارب ومع الجيران أفضل من غيرهم . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        ينبغي أن لا يحتقر القليل ، فيمتنع من إهدائه ، وأن لا يستنكف المهدى إليه عن قبول القليل .

                                                                                                                                                                        قلت : ويستحب للمهدى إليه أن يدعو للمهدي ، ويستحب للمهدي إذا دعا له المهدى إليه أن يدعو أيضا له ، وقد أوضحت ذلك مع بيان ما يدعو به في كتاب " الأذكار " . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية