الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
مثل موسرين ينفق أحدهما فيما يهوى وينفق الآخر في وجوه الخير

مثل الموسرين أحدهما ينفق ماله في هوى نفسه والآخر ينفق ماله في وجوه الخير من إطعام الطعام وصلة الأرحام ومصارف الحق وأشباه ذلك مثل رجلين دعاهما الملك فأودع كل واحد منهما خزانة فقال أمسكا واحفظا فمن جاءكما برقعتي فأعطياه ما في الرقعة مقدارها وها هنا عسكران عسكري وعسكر العدو فإياكما أن تصرفا شيئا من هذا المال إلى عسكر العدو فذهب أحدهما واستعفاه من قبوله فلم يعفه منه فقبله على ضرورة وهو ثقيل عليه فكل من أتاه برقعته أدر عليه ما تضمنته الرقعة مغتنما لحقه حتى صدروا إلى الملك حامدين له شاكرين بباب الملك مثنين عليه ناشرين عنه جميلا [ ص: 175 ] ثم عمد إلى صرته فأنفق على ما فيه قوة عسكر الملك فإذا قدم للحساب قرت عينه بأداء الأمانة والامتثال لأمره

وأما الآخر فإنه لما قبل الوديعة ذهب يفتخر بها ويتطاول على نظرائه ويباهي بها أشكاله ثم أخذ يصرفها إلى ملاهيه وهواه وقبيح عمله وأنفذها إلى عسكر العدو فكل من عقل أمره تعجب منه وبهت في أمره بغفلته وبلاهته وقبح عمله فإذا جاءته رقعة الملك دافع وسوف حتى رجع أصحاب الرقاع إلى الملك بها ذامين له متذمرين لفعله ثم لما صرفها في الوجوه عمد إلى أسلحة ودواب فأنفذها إلى عسكر العدو فإذا قدم إلى الحساب سأله ما صنعت في وديعتنا وأموالنا ومواثيقنا لم يكن له جواب إلا أن يقول صرفت أصحاب الرقاع بحرمان تسويفا ومدافعة وصرفت المال في الأسلحة والدواب لعسكر عدوك فما له من الحساب

التالي السابق


الخدمات العلمية