الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 219 ] العنعنة


136 . وصححوا وصل معنعن سلم من دلسة راويه ، واللقا علم      137 . وبعضهم حكى بذا إجماعا
و (مسلم) لم يشرط اجتماعا      138 . لكن تعاصرا ، وقيل يشترط
طول صحابة ، وبعضهم شرط      139 . معرفة الراوي بالأخذ عنه ،
وقيل : كل ما أتانا منه      140 . منقطع ، حتى يبين الوصل ،
وحكم ( أن ) حكم ( عن ) فالجل      141 . سووا ، وللقطع نحا (البرديجي)
حتى يبين الوصل في التخريج

التالي السابق


العنعنة : مصدر عنعن الحديث ، إذا رواه بلفظ : عن ، من غير بيان للتحديث ، والإخبار ، والسماع .

واختلفوا في حكم الإسناد المعنعن ، فالصحيح الذي عليه العمل ، وذهب إليه الجماهير من أئمة الحديث وغيرهم ، أنه من قبيل الإسناد المتصل بشرط سلامة الراوي الذي رواه بالعنعنة من التدليس . وبشرط ثبوت ملاقاته لمن رواه عنه بالعنعنة . قال ابن الصلاح : "وكاد ابن عبد البر يدعي إجماع أئمة الحديث على ذلك" . قلت : لا [ ص: 220 ] حاجة لقوله : كاد ، فقد ادعاه . وادعى أبو عمرو الداني إجماع أهل النقل على ذلك ، لكنه اشترط أن يكون معروفا بالرواية عنه ، كما سيأتي في موضعه . لكن قد يظهر عدم اتصاله بوجه آخر ، كما في الإرسال الخفي ، على ما سيأتي في موضعه ، وما ذكرناه من اشتراط ثبوت اللقاء هو مذهب علي بن المديني ، والبخاري وغيرهما من أئمة هذا العلم .

[ ص: 221 ] وأنكر مسلم في خطبة صحيحه اشتراط ذلك ، وادعى أنه قول مخترع لم يسبق قائله إليه ، وإن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار قديما وحديثا أنه يكفي في ذلك أن يثبت كونهما في عصر واحد ، وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا أو تشافها . قال ابن الصلاح : "وفيما قاله مسلم نظر . - قال - : وهذا الحكم لا أراه يستمر بعد المتقدمين فيما وجد من المصنفين في تصانيفهم مما ذكروه عن مشايخهم قائلين فيه : ذكر فلان ، قال فلان ، ونحو ذلك . أي : فليس له حكم الاتصال ، إلا إن كان له من شيخه إجازة على ما سيأتي في آخر هذا الباب .

ولم يكتف أبو المظفر السمعاني بثبوت اللقاء ، بل اشترط طول الصحبة بينهما . واشترط أبو عمرو الداني أن يكون معروفا بالرواية عنه . واشترط أبو الحسن القابسي [ ص: 222 ] أن يدركه إدراكا بينا . وهذا داخل فيما تقدم من الشروط ، وبيان الإدراك لا بد منه . وذهب بعضهم إلى أن الإسناد المعنعن من قبيل المرسل والمنقطع ، حتى يتبين اتصاله بغيره ، وهذا المراد بقوله : ( وقيل كل ما أتانا منه منقطع ) ، إلى آخره .

وقوله : ( وحكم أن ، حكم عن ، فالجل سووا ) أي : ذهب جمهور أهل العلم إلى التسوية بين الرواية المعنعنة ، وبين الرواية بلفظ : أن فلانا قال . وهو قول مالك وممن حكاه عن الجمهور ابن عبد البر في التمهيد . وأنه لا اعتبار بالحروف والألفاظ ، وإنما هو باللقاء والمجالسة والسماع والمشاهدة يعني : مع السلامة من التدليس . ثم حكى ابن عبد البر عن أبي بكر البرديجي أن حرف (أن) محمول على الانقطاع حتى يتبين السماع في ذلك الخبر بعينه من جهة أخرى . قال : وعندي لا معنى لهذا ، لإجماعهم على أن الإسناد المتصل بالصحابي ، سواء قال فيه : قال ، أو أن ، أو عن ، أو سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يعني فكله متصل .






الخدمات العلمية