الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      سورة يونس

                                                                                                                                                                                                                                      فصل في نزولها

                                                                                                                                                                                                                                      روى عطية ، وابن أبي طلحة عن ابن عباس أنها مكية ، وبه قال الحسن ، وعكرمة . وروى أبو صالح عن ابن عباس أن فيها من المدني قوله : ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به [يونس 40] . وفي رواية عن ابن عباس : فيها ثلاث آيات من المدني أولها قوله : فإن كنت في شك [يونس 94] إلى رأس ثلاث آيات ، وبه قال قتادة . وقال مقاتل هي مكية غير آيتين ، قوله : فإن كنت في شك والتي تليها [يونس 94 ،95] . وقال بعضهم : هي مكية إلا آيتين ، وهي قوله: قل بفضل الله وبرحمته والتي تليها [يونس 58 ،59] .

                                                                                                                                                                                                                                      الر تلك آيات الكتاب الحكيم

                                                                                                                                                                                                                                      فأما قوله : (آلر) قرأ ابن كثير: " آلر " بفتح الراء . وقرأ أبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي : " آلر " على الهجاء مكسورة . وقد ذكرنا في أول سورة (البقرة) ما يشتمل على بيان هذا الجنس . وقد خصت هذه الكلمة [ ص: 4 ] بستة أقوال . أحدها : أن معناها : أنا الله أرى ، رواه الضحاك عن ابن عباس . والثاني : أنا الله الرحمن ، رواه عطاء عن ابن عباس . والثالث : أنه بعض اسم من أسماء الله . روى عكرمة عن ابن عباس قال : " آلر " و " حم " و " نون " حروف الرحمن . والرابع : أنه قسم أقسم الله به ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . والخامس : أنه اسم من أسماء القرآن ، قاله مجاهد ، وقتادة . والسادس : أنه اسم للسورة ، قاله ابن زيد . وفي قوله : " تلك " قولان : أحدهما : أنه بمعنى " هذه " قاله أبو صالح عن ابن عباس ، واختاره أبو عبيدة . والثاني : أنه على أصله . ثم فيه ثلاثة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها : أن الإشارة إلى الكتب المتقدمة من التوراة والإنجيل ، قاله مجاهد ، وقتادة ; فيكون المعنى : هذه الأقاصيص التي تسمعونها ، تلك الآيات التي وصفت في التوراة والإنجيل . والثاني : أن الإشارة إلى الآيات التي جرى ذكرها ، من القرآن ، قاله الزجاج . والثالث : أن " تلك " إشارة إلى " آلر " وأخواتها من حروف المعجم ، أي : تلك الحروف المفتتحة بها السور هي (آيات الكتاب) لأن الكتاب بها يتلى ، وألفاظه إليها ترجع ، ذكره ابن الأنباري . قال أبو عبيدة : (الحكيم) بمعنى المحكم المبين الموضح ; والعرب قد تضع فعيلا في معنى مفعل ; قال الله تعالى : ما لدي عتيد [ق:23 : 18] أي : معد

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية