الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 13 ] أمر عمرو بن عامر في خروجه من اليمن [ وقصة سد مأرب ]

وكان سبب خروج عمرو بن عامر من اليمن - فيما حدثني أبو زيد الأنصاري - أنه رأى جرذا يحفر في سد مأرب ، الذي كان يحبس عليهم الماء - فيصرفونه حيث شاءوا من أرضهم ، فعلم أنه لا بقاء للسد على ذلك ، فاعتزم على النقلة من اليمن ، فكاد قومه ، فأمر أصغر ولده إذا أغلظ له ولطمه أن يقوم إليه فيلطمه ، ففعل ابنه ما أمره به ، فقال عمرو : لا أقيم ببلد لطم وجهي فيه أصغر ولدي ، وعرض أمواله . فقال أشراف من أشراف اليمن : اغتنموا غضبة عمرو ، فاشتروا منه أمواله .

وانتقل في ولده وولد ولده . وقالت الأزد : لا نتخلف عن عمرو بن عامر ، فباعوا أموالهم ، وخرجوا معه ، فساروا حتى نزلوا بلاد عك مجتازين يرتادون البلدان ، فحاربتهم عك ، فكانت حربهم سجالا . ففي ذلك قال عباس بن مرداس البيت الذي كتبنا .

ثم ارتحلوا عنهم فتفرقوا في البلدان ، فنزل آل جفنة بن عمرو بن عامر الشام ، ونزلت الأوس والخزرج يثرب ، ونزلت خزاعة مرا ، ونزلت أزد السراة ، ونزلت أزد عمان عمان .

ثم أرسل الله تعالى على السد السيل فهدمه ، ففيه أنزل الله تبارك وتعالى على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم : لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم .

[ ص: 14 ] والعرم : السد ، واحدته : عرمة ، فيما حدثني أبو عبيدة . قال الأعشى : أعشى بني قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن هنب بن أفصى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد .

قال ابن هشام : ويقال : أفصى بن دعمي بن جديلة ، واسم الأعشى ، ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة :

وفي ذاك للمؤتسي أسوة ومارب عفى عليها العرم     رخام بنته لهم حمير
إذا جاء مواره لم يرم     فأروى الزروع وأعنابها
على سعة ماؤهم إذ قسم     فصاروا أيادى ما يقدرو
ن منه على شرب طفل فطم

وهذه الأبيات في قصيدة له .

وقال أمية بن أبي الصلت الثقفي - واسم ثقيف قسي بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان :

من سبأ الحاضرين مأرب إذ     يبنون من دون سيله العرما

وهذا البيت في قصيدة له .

وتروى للنابغة الجعدي ، واسمه قيس بن عبد الله أحد بني جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن وهو حديث طويل ، منعني من استقصائه ما ذكرت من الاختصار

التالي السابق


الخدمات العلمية