الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وإذ قتلتم نفسا هذه الآية مؤخرة في التلاوة ، مقدمة في المعنى ، لأن السبب في الأمر بذبح البقرة قتل النفس ، فتقدير الكلام: وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها ، فسألتم موسى فقال: إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة . ونظيرها قوله تعالى: ولم يجعل له عوجا قيما [ الكهف: 1 ] أراد: أنزل الكتاب قيما ، ولم يجعل له عوجا ، فأخر المقدم وقدم المؤخر ، لأنه من عادة العرب . قال الفرزدق:


                                                                                                                                                                                                                                      إن الفرزدق صخرة ملمومة طالت فليس تنالها الأوعالا



                                                                                                                                                                                                                                      أراد: طالت الأوعال . وقال جرير:


                                                                                                                                                                                                                                      طاف الخيال وأين منك لماما     فارجع لزورك بالسلام سلاما

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 101 ] أراد: طاف الخيال لماما ، وأين هو منك؟ وقال الآخر:


                                                                                                                                                                                                                                      خير من القوم العصاة أميرهم     يا قوم فاستحيوا النساء الجلس



                                                                                                                                                                                                                                      أراد: خير من القوم العصاة النساء فاستحيوا من هذا .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى قوله: فادارأتم : اختلفتم ، قاله ابن عباس ومجاهد . وقال الزجاج: ادارأتم ، بمعنى: تدارأتم ، أي: تدافعتم ، وألقى بعضكم على بعض ، تقول: درأت فلانا: إذا دفعته ، وداريته: إذا لاينته ، ودريته إذا ختلته ، فأدغمت التاء في الدال ، لأنهما من مخرج واحد ، فأما الذي كتموه; فهو أمر القتيل .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية