الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        الإيداع ، توكيل خاص ، وأركانه ، كأركانها أربعة : الحفظ ، والعاقدان ، والصيغة . فلا بد من صيغة من المودع دالة على الاستحفاظ ، كقوله : استودعتك هذا المال ، أو أودعتك ، أو استحفظتك ، أو أنبتك في حفظه ، أو احفظه ، أو هو وديعة عندك ، أو ما في معناها .

                                                                                                                                                                        وفي اشتراط القبول باللفظ ثلاثة أوجه : أصحها : لا يشترط ، بل يكفي القبض في العقار والمنقول . والثاني : يشترط . والثالث : يشترط [ ص: 325 ] إن كان بصيغة عقد ، كأودعتك ، ولا يشترط إن قال : احفظه ، أو هو وديعة عندك . ولو قال : إذا جاء رأس الشهر ، فقد أودعتك هذا ، فقطع الروياني في الحلية بالجواز ، والقياس تخريجه على الخلاف في تعليق الوكالة .

                                                                                                                                                                        ولو جاء بماله ، ووضعه بين يدي غيره ، ولم يتلفظ بشيء ، لم يحصل الإيداع . فلو قبضه الموضوع عنده ، ضمنه . وكذا لو كان قد قال قبل ذلك : أريد أن أودعك ، ثم جاء بالمال ، فإن قال : هذا وديعتي عندك ، أو احفظه ، ووضعه بين يديه ، فإن أخذه الموضوع عنده ، تمت الوديعة إن لم يشترط القبول لفظا . وإن لم يأخذه ، نظر ، إن لم يتلفظ ، لم يكن وديعة ، حتى لو ذهب وتركه ، فلا ضمان عليه ، لكن يأثم إن كان ذهابه بعدما غاب المالك . وإن قال : قبلت ، أو ضعه ، فوضعه ، كان إيداعا ، كما لو قبضه بيده ، كذا قال البغوي . وقال المتولي : لا يكون وديعة ما لم يقبضه .

                                                                                                                                                                        وفي فتاوى الغزالي : أنه إن كان الموضع في يده ، فقال : ضعه ، دخل المال في يده ، لحصوله في الموضع الذي هو في يده . وإن لم يكن ، بأن قال : انظر إلى متاعي في دكاني ، فقال : نعم ، لم يكن وديعة . وعلى الأول ، لو ذهب الموضوع عنده وتركه ، فإن كان المالك حاضرا بعد ، فهو رد للوديعة . وإن غاب المالك ، ضمنه .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية