الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              وعزمنا على ذكر طوائف من جماهير النساك والعباد ، المذكورين بالكد في الاجتهاد ، والجد في التشمر والاستعداد ، راغبين عن الاغترار بالزائل الفاني ، سابقين إلى السامي النامي ، واعلموا أن الذين تقدم ذكرهم من الصحابة والتابعين فإن مثلهم في الناس كمثل المعادن والجواهر الذين لا يعرف مقامهم ومراتبهم إلا المستنبطون والغواص ، والأكابر من السادة والخواص ؛ لأنهم كانوا أعمدة الدين والأساس .

              وهذه الطبقة التي قد عزمنا على الشروع في ذكرهم فهم قوم أيدوا بطرف من المعارف ، وكوشفوا ببعض طرف الملاطف ، فقطعوا به المفاوز والمخاوف ، وطيبوا ببعض نوافج الأطايب والعواطف ، فسبيلهم في الناس ، كالرياحين والآس ، إذا أراد الله - تعالى - إنعاش بعض المجتذبين ، واختطاف بعض المجتلبين هطل على هذه الطبقة طشا من سحائب لطفه ، وأهب عليهم نسمة من رياح عطفه ، فيثير منهم نسيما مما خصهم به من كراماته ، فأيدهم به من آياته ، يهيج بهم الوافدين ، وينبه بهم الواسنين ، لتكون طرق الحق في كل الأعصار [ ص: 149 ] مسلوكة ، ولئلا توجد الأدلة والحجج متروكة ، وهم أولياء الله وأصفياؤه ، الذين يذكر الله برؤيتهم ، ويسعد متبوعهم بصحبتهم ومحبتهم ، فذكرنا لكل واحد من أعلامهم شاهد أحواله ، وظاهر أقواله . وهم أخلاط من العباد ، وعدلنا عن ترتيب أيامهم والبلاد ، فمن اشتهر بالرواية ذكرنا له حديثا فما فوقه ، ومن لم تعرف له رواية اقتصرنا من كلامه على حكاية . والله خير معين ، وبه نستعين .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية