الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                البحث الثاني

                                                                                                                في الاستثناء المجهول ، وفي الجواهر : له علي مائة درهم إلا شيئا ، يلزمه أحد وتسعون ، وله عشرة آلاف إلا شيئا ، يلزمه تسعة آلاف ومائة ، وله درهم إلا شيئا ، يلزمه أربعة أخماس درهم ، وهذه تعسفات ما علمت لها مدركا من اللغة ، ثم إنه جعله تسعة أعشار العشر في المائة وعشر آلاف وجعله الخمسين في [ ص: 301 ] الدرهم ، فلم يجر على قانون مع أنه قال بعد ذلك : إذا قال له علي قرب المائة أو المائة إلا شيئا ، قال سحنون : أكثر أصحابنا أنه يلزمه ثلثي المائة ( كذا ) بقدر ما يرى الحاكم ، وقيل : ثلث المائة ، وقيل : ثلثاها ، وقيل : أحد وخمسون يزيد على النصف ، هذا نقل الجواهر ، وقال القاضي بن مغيث في وثائقه : إذا قال : له علي عشرة إلا شيئا وإلا كسرا ، صدق في تفسيره مع يمينه ، يعني لأن الاستثناء يصح في العشرة إلى التسعة ، فكما صح استثناؤه صح أن يفسر به الاستثناء المجهول ، ولم يحك خلافا وهذا قول ( ش ) ، وقال الحنابلة : لا يصح تفسيره بالنصف ، بل لا بد أن يزيد عليه يسيرا ، بناء منهم على امتناع استثناء المساوي ، فطرد الفريقان أصلهما في الاستثناء المجهول في جواز استثناء الأكثر ومنعه ، وقال ( ح ) كقول الحنابلة ، فإنه إذا قال : له علي مائة درهم إلا قليلا أو إلا بعضها ، وأنت طالق ثلاثا إلا بعضها ، لا بد أن يزيد على النصف في الباقي ، فخالف أصله فيما ينقل عنه في جواز استثناء الأكثر ، أو يكون له فيه قولان ، وبالجملة فهذه أقوال معقولة ولها مرجع من اللغة بخلاف الأولى فاعلمه ، وقد سئل بعض الفقهاء إذا قال له شيء ومائة ، رجع لتفسيره في الشيء ، وله مائة إلا شيئا يلزمه أحد وستون ، ما الفرق قال : الفرق أن العرب لا تستثني من العشرات إلا الآحاد ومن المئين إلا العشرات ، وكذلك معين واحد من العشرة لئلا يكون مثل قوله : له علي عشرة إلا عشرة ، بخلاف العطف يعد في القليل والكثير ، فرجع إلى تفسيره ، وهاهنا أنه استثناء أكثر العشرة ، فقيل عنه أحد وتسعون ، وكذلك الكلام في ألف إلا شيئا ، وهذا نقل يعسر عليه تحقيقه ، بل العرب تقول : مائة إلا عشرة وإلا عشرون ، وألف إلا مائة وألف إلا مائتان ، إن المسل ( كذا ) هو أو الألف فلها إخراج أقله ونصفه وأكثره على الخلاف في النصف والأكثر .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية