الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              [ ص: 682 ] ( 655 ) باب استحباب استحداث التوبة عند كسوف الشمس ، لما سبق من المرء من الذنوب والخطايا " .

              1397 - أخبرنا أبو طاهر ، ثنا أبو بكر ثنا محمد بن يحيى ، ثنا أبو نعيم ، عن الأسود بن قيس ، حدثني ثعلبة بن عباد العبدي من أهل البصرة ، أنه شهد خطبة يوما لسمرة بن جندب ، فذكر في خطبته قال سمرة بن جندب : بينا أنا يوما وغلام من الأنصار نرمي غرضا لنا ، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كانت الشمس قيد رمحين ، أو ثلاثة في غير الناظرين من الأفق اسودت حتى كأنها تنومة ، فقال أحدنا لصاحبه : انطلق بنا إلى المسجد ، فوالله ليحدثن شأن هذه الشمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته حدثا ، فدفعنا إلى المسجد ، فإذا هو بارز ، فوافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى الناس قال : فاستقدم فصلى بنا كأطول ما قام بنا في صلاة قط ، لا يسمع له صوت ، ثم ركع بنا كأطول ما ركع بنا في صلاة قط ، ولا يسمع له صوت ، ثم سجد بنا كأطول ما سجد بنا في صلاة قط ، لا يسمع له صوت قال : ثم فعل في الركعة الثانية مثل ذلك قال : فوافق تجلي الشمس جلوسه في الركعة الثانية قال : فسلم فحمد الله وأثنى عليه ، وشهد أنه لا إله إلا الله ، وشهد أنه عبده ورسوله ، ثم قال : " أيها الناس ، إنما أنا بشر رسول الله ، فأذكركم بالله إن كنتم تعلمون أني قصرت عن شيء من تبليغ رسالات ربي لما أجبتموني حتى أبلغ رسالات ربي كما ينبغي لها أن تبلغ ، وإن كنتم تعلمون أني قد بلغت رسالات ربي لما أخبرتموني " قال : فقام الناس ، فقالوا : شهدنا أنك قد بلغت رسالات ربك ، ونصحت لأمتك ، وقضيت الذي عليك قال : ثم سكتوا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما بعد ؛ فإن رجالا يزعمون أن كسوف هذه الشمس ، [ ص: 683 ] وكسوف هذا القمر ، وزوال هذه النجوم عن مطالعها لموت رجال عظماء من أهل الأرض ، وأنهم كذبوا ، ولكنها آيات من آيات الله ، يفتن بها عباده لينظر من يحدث منهم توبة ، والله لقد رأيت منذ قمت أصلي ما أنتم لاقون في دنياكم وآخرتكم ، وإنه والله لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا آخرهم الأعور الدجال ممسوح العين اليسرى كأنها عين أبي يحيى - أو تحيا - لشيخ من الأنصار ، وإنه متى خرج فإنه يزعم أنه الله ، فمن آمن به وصدقه واتبعه ، فليس ينفعه صالح من عمل سلف ، ومن كفر به ، وكذبه فليس يعاقب بشيء من عمله سلف ، وإنه سيظهر على الأرض كلها إلا الحرم وبيت المقدس ، وإنه يحصر المؤمنين في بيت المقدس ، فيزلزلون زلزالا شديدا قال : فيهزمه الله وجنوده ، حتى أن جذم الحائط وأصل الشجرة لينادي : يا مؤمن هذا كافر يستتر بي ، تعال اقتله قال : ولن يكون ذلك كذلك حتى تروا أمورا يتفاقم شأنها في أنفسكم ، تسألون بينكم هل كان نبيكم ذكر لكم منها ذكرا ، وحتى تزول جبال عن مراثيها على أثر ذلك القبض ، وأشار بيده " قال : ثم شهدت خطبة أخرى قال : فذكر هذا الحديث ما قدم كلمة ، ولا أخرها عن موضعها .

              قال أبو بكر : " هذه اللفظة التي في هذا الخبر لا يسمع له صوت من الجنس الذي أعلمنا أن الخبر الذي يجب قبوله خبر من يخبر بكون الشيء ، لا من ينفي ، وعائشة قد خبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة ، فخبر عائشة يجب قبوله ؛ لأنها حفظت جهر القراءة ، وإن لم يحفظها غيرها ، وجائز أن يكون سمرة كان في صف بعيد من النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة ، فقوله : " لا يسمع له صوت " : أي لم أسمع صوتا على ما بينته قبل أن العرب تقول : لم يكن كذا ، لما لم يعلم كونه " .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية