الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الباب السادس في موانع نكاحها

                                                                                                                                                                        قد سبق في الركن الثاني من الباب الثالث ، الإشارة إلى بيان الموانع . ومنها ما نتكلم في إيضاحه في غير الباب ، ككونها ملاعنة ، ومعظمها نبسط الكلام فيه هنا إن شاء الله تعالى ، ويجمعها أربعة أجناس .

                                                                                                                                                                        ( الجنس ) الأول : المحرمية ، وهي الوصلة المحرمة للنكاح أبدا ، ولها ثلاثة أسباب : القرابة ، والرضاع ، والمصاهرة .

                                                                                                                                                                        السبب الأول : القرابة ، ويحرم منها سبع : الأمهات ، والبنات ، والأخوات ، [ ص: 108 ] والعمات ، والخالات ، وبنات الأخ ، وبنات الأخت ، ولا تحرم بنات الأعمام والعمات والأخوال والخالات ، قربن أم بعدن ، والمراد بالأم : كل أنثى ولدتك ، أو ولدت من ولدك ، ذكرا كان أو أنثى ، بواسطة أم بغيرها . وإن شئت قلت : كل أنثى ينتهي إليها نسبك بالولادة بواسطة أم بغيرها . وبنتك : كل أنثى ولدتها ، أو ولدت من ولدها ، ذكرا كان أو أنثى ، بواسطة أم بغيرها . وإن شئت قلت : كل أنثى ينتهي إليك نسبها بالولادة ، بواسطة أم بغيرها . وأختك : كل أنثى ولدها أبواك أو أحدهما . وبنت أخيك وبنت أختك منهما ، كبنتك منك . وعمتك : كل أنثى هي أخت ذكر ولدك ، بواسطة أو بغيرها ، وقد تكون من جهة الأم ، كأخت أب الأم . وخالتك : كل أنثى هي أخت أنثى ولدتك بواسطة أو بغيرها ، وقد تكون من جهة الأب ، كأخت أم الأب ، وعبر الأصحاب عنهن بعبارتين .

                                                                                                                                                                        إحداهما : قال الأستاذ أبو إسحاق : يحرم عليه أصوله ، وفصوله ، وفصول أول أصوله ، وأول فصل من كل أصل بعده ، أي بعد أول الأصول .

                                                                                                                                                                        فالأصول : الأمهات . والفصول : البنات . وفصول أول الأصول : الأخوات وبنات الأخ والأخت . وأول فصل من كل أصل بعد الأصل الأول : العمات والخالات .

                                                                                                                                                                        الثانية : قال الأستاذ أبو منصور البغداذي : تحرم نساء القرابة ، إلا من دخلت في اسم ولد العمومة أو ولد الخؤولة . وهذه العبارة أرجح لإيجازها ، ولأن الأولى لا تنص على الإناث ، لأن لفظ الأصول والفصول يتناول الذكور والإناث ، ولأن اللائق بالضابط أن يكون أقصر من المضبوط ، والأولى بخلافه .

                                                                                                                                                                        [ ص: 109 ] فرع زنا بامرأة ، فولدت بنتا ، يجوز للزاني نكاح البنت ، لكن يكره . وقيل : إن تيقن أنها من مائه ، إن تصور تيقنه ، حرمت عليه . وقيل : تحرم مطلقا . والصحيح : الحل مطلقا . والبنت التي نفاها باللعان ، تحرم عليه إن كان دخل بأمها ، وكذا إن لم يدخل ( بها ) على الأصح . قال المتولي : وعلى هذا ، ففي وجوب القصاص بقتلها ، والحد بقذفها ، والقطع بسرقة مالها ، وقبول شهادته لها الوجهان .

                                                                                                                                                                        قلت : وسواء طاوعته على الزنا أو أكرهها . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية