الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الباب السابع في نكاح المشرك

                                                                                                                                                                        فيه أربعة أطراف .

                                                                                                                                                                        [ الطرف ] الأول : فيما يقر عليه الكافر من الأنكحة الجارية في الكفر إذا أسلم . فإذا أسلم وتحته أربع كتابيات ، أو أقل ، استمر نكاحهن ، لأنه يجوز ابتداؤه في الإسلام ، وسواء في ذلك اليهودي والمجوسي والوثني والحربي والذمي .

                                                                                                                                                                        وإن أسلم وتحته مجوسية أو وثنية أو غيرهما ممن لا يجوز نكاحها من الكافرات ، وتخلفت هي ، فإن كان قبل المسيس ، تنجزت الفرقة . وإن كان بعده وأسلمت قبل انقضاء العدة ، استمر النكاح ، وإلا ، تبينا حصول الفرقة من وقت إسلام الزوج . وإن أسلمت المرأة ، وأصر الزوج على كفره ، أي كفر كان ، فالحكم كما لو أسلم وأصرت على التوثن . وإن أسلما معا ، بقيا على النكاح . سواء فيه جميع أنواع الكفر وقبل المسيس وبعده ، والاعتبار في الترتيب والمعية ، بآخر كلمة الإسلام ، لا بأولها . ولو نكح كافر لابنه الصغير صغيرة ، فإسلام الأبوين أو أحدهما قبل بلوغهما كإسلام الزوجين أو أحدهما . ولو نكح لطفله بالغة ، وأسلم أبو الطفل والمرأة معا ، قال البغوي : يبطل النكاح ، لأن إسلام الولد يحصل عقب إسلام الأب ، فيقدم إسلامهما على إسلام الزوج ، لكن ترتب إسلام الولد على إسلام الأب [ ص: 144 ] لا يقتضي تقدما وتأخرا بالزمان ، فلا يظهر تقدم إسلامها على إسلام الزوج : قال : وإن أسلمت عقب إسلام الأب ، بطل النكاح أيضا ، لأن إسلام الولد يحصل حكما ، وإسلامها يحصل بالقول ، والحكمي يكون سابقا للقولي ، فلا يتحقق إسلامهما معا .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        حيث توقفنا في النكاح وانتظرنا الحال إلى انقضاء العدة ، فطلق قبل انقضائها ، فطلاقه موقوف . فإن اجتمعا على الإسلام في العدة ، تيقنا وقوعه . ويعتد من وقت الطلاق ، وإلا ، فلا طلاق . وقيل : في الطلاق قولا وقف العقود . ففي قول : لا يقع وإن اجتمعا في الإسلام قبل انقضاء العدة . وطردا فيما إذا أعتق عبد أبيه على ظن حياته ، فبان ميتا ، كما لو باعه على ظن حياته فبان ميتا . والمذهب الأول ، لأن الطلاق والعتق يقبلان صريح التعليق ، فقبولهما تقدير التعليق أولى ، وكذا يتوقف في الظهار والإيلاء . ولو قذفها ولم يجتمعا على إسلام في العدة ، لم يلاعن ، ويعزر إن كانت هي المتخلفة ، ويحد إن كان هو المتخلف .

                                                                                                                                                                        وإن اجتمعا على الإسلام ، فله أن يلاعن لدفع الحد أو التعزير . ولو سبق الزوج إلى الإسلام ، والزوجة وثنية ، فنكح في زمن التوقف أختها المسلمة أو أربعا سواها ، لم يصح . وكذا لو طلقها رجعية في الشرك ثم أسلم ونكح في العدة أختها المسلمة أو أربعا سواها ، لأن زوال نكاحها غير متيقن ، فلا ينكح من لا يجوز الجمع بينها وبينها . وقال المزني : يتوقف فيمن نكحها . فإن أسلمت المتخلفة قبل انقضاء العدة ، بان بطلان نكاح الثانية ، وإلا ، بان صحته .

                                                                                                                                                                        وذكر بعض الأصحاب ، أنه على قولي وقف العقود . فعلى قول : هو كما قال المزني . والمذهب هو الأول ، وهو المنصوص ، وبه قطع الجماهير . [ ص: 145 ] ولو أسلمت المرأة أولا ، ونكح في تخلفه أختها الكافرة ، ثم أسلم مع الثانية ، فإن كان بعد انقضاء عدة السابقة ، أقرت الثانية تحته . وإن أسلم قبل انقضاء عدتها ، فله أن يختار من شاء منهما ، كما لو أسلم وتحته أختان أسلمتا معه ، وليس كالصورة السابقة ، فإنه هناك مسلم عند نكاح الثانية ، فلا ينكح الأخت على الأخت ، وهنا وقع النكاحان في الشرك .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية