الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 602 ] ثم دخلت سنة ثنتين وسبعين ومائتين

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في جمادى الأولى منها سار نائب قزوين وهو أذكوتكين في أربعة آلاف مقاتل إلى محمد بن زيد العلوي صاحب طبرستان بعد أخيه الحسن بن زيد وهو بالري ، في جيش عظيم من الديلم وغيرهم ، فاقتتلوا قتالا شديدا فهزمه أذكوتكين وغنم ما في معسكره ، وقتل من أصحابه ستة آلاف ، ودخل الرى فأخذ من أهلها مائة ألف ألف دينار ، وفرق عماله في نواحي الرى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها وقع بين أبي العباس بن الموفق وبين صاحب ثغر طرسوس - وهو يازمان الخادم - فثار أهل طرسوس على أبي العباس فأخرجوه عنهم ، فرجع إلى بغداد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها دخل حمدان بن حمدون وهارون الشاري مدينة الموصل وصلى بهم الشاري في جامعها الأعظم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها عاثت بنو شيبان في أرض الموصل وسعوا في الأرض فسادا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها تحركت بقية الزنج في أرض البصرة ونادوا : يا أنكلاي ، يا منصور . [ ص: 603 ] وكان أنكلاي ابن صاحب الزنج ، وسليمان بن جامع ، وأبان بن علي المهلبي ، وجماعة من وجوه أمرائهم في حبس الموفق ، فبعث إليهم ، فقتلوا وحملت رءوسهم إليه وصلبت أبدانهم ببغداد ، وسكنت الشرور .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها صلح أمر المدينة النبوية ، وتراجع الناس إليها ، ولله الحمد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها جرت حروب كثيرة ببلاد الأندلس ، وتسلمت الروم من المسلمين بلدين عظيمين من الأندلس ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها قدم صاعد بن مخلد الكاتب من فارس إلى واسط فأمر الموفق القواد أن يتلقوه ، فدخل في أبهة عظيمة ، ولكن ظهر منه تيه وعجب شديد ، فأمر الموفق عما قريب بالقبض عليه ، وعلى أهله وأمواله وحواصله ، واستكتب مكانه أبا الصقر إسماعيل بن بلبل .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحج بالناس فيها هارون بن محمد بن إسحاق العباسي ، أمير الحج منذ دهر .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية