الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ أصر ]

                                                          أصر : أصر الشيء يأصره أصرا : كسره وعطفه . والأصر والإصر : ما عطفك على شيء . والآصرة : ما عطفك على رجل من رحم أو قرابة أو صهر أو معروف ، والجمع الأواصر . والآصرة : الرحم لأنها تعطفك . ويقال : ما تأصرني على فلان آصرة أي ما يعطفني عليه منة ولا قرابة ; قال الحطيئة :


                                                          عطفوا علي بغير آ صرة فقد عظم الأواصر

                                                          أي عطفوا علي بغير عهد أو قرابة . والمآصر : هو مأخوذ من آصرة العهد إنما هو عقد ليحبس به ; ويقال للشيء الذي تعقد به الأشياء : الإصار ، من هذا . والإصر : العهد الثقيل . وفي التنزيل : وأخذتم على ذلكم إصري ; وفيه : ويضع عنهم إصرهم ; وجمعه آصار لا يجاوز به أدنى [ ص: 113 ] العدد . أبو زيد : أخذت عليه إصرا وأخذت منه إصرا أي موثقا من الله تعالى . ، قال الله عز وجل : ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ; الفراء : الإصر العهد ; وكذلك قال في قوله عز وجل : وأخذتم على ذلكم إصري ; قال : الإصر ههنا إثم العقد والعهد إذا ضيعوه كما شدد على بني إسرائيل . وقال الزجاج : ولا تحمل علينا إصرا ; أي أمرا يثقل علينا كما حملته على الذين من قبلنا نحو ما أمر به بنو إسرائيل من قتل أنفسهم أي لا تمتحنا بما يثقل علينا أيضا . وروي عن ابن عباس : ولا تحمل علينا إصرا ، قال : عهدا لا نفي به وتعذبنا بتركه ونقضه . وقوله : وأخذتم على ذلكم إصري ، قال : ميثاقي وعهدي . قال أبو إسحاق : كل عقد من قرابة أو عهد ، فهو إصر . قال أبو منصور : ولا تحمل علينا إصرا ; أي عقوبة ذنب تشق علينا . وقوله : ويضع عنهم إصرهم ; أي ما عقد من عقد ثقيل عليهم مثل قتلهم أنفسهم وما أشبه ذلك من قرض الجلد إذا أصابته النجاسة . وفي حديث ابن عمر : من حلف على يمين فيها إصر فلا كفارة لها يقال ; إن الإصر أن يحلف بطلاق أو عتاق أو نذر . وأصل الإصر : الثقل والشد لأنها أثقل الأيمان وأضيقها مخرجا ; يعني أنه يجب الوفاء بها ولا يتعوض عنها بالكفارة . والعهد يقال له : إصر . وفي الحديث عن أسلم بن أبي أمامة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من غسل يوم الجمعة واغتسل وغدا وابتكر ودنا فاستمع وأنصت كان له كفلان من الأجر ، ومن غسل واغتسل وغدا وابتكر ودنا ولغا كان له كفلان من الإصر ; قال شمر : في الإصر إثم العقد إذا ضيعه . وقال ابن شميل : الإصر العهد الثقيل ; وما كان عن يمين وعهد فهو إصر ، وقيل : الإصر الإثم والعقوبة للغوه وتضييعه عمله ، وأصله من الضيق والحبس . يقال : أصره يأصره إذا حبسه وضيق عليه . والكفل : النصيب ; ومنه الحديث : من كسب مالا من حرام فأعتق منه كان ذلك عليه إصرا ; ومنه الحديث الآخر : أنه سئل عن السلطان : قال : هو ظل الله في الأرض فإذا أحسن فله الأجر وعليكم الشكر ، وإذا أساء فعليه الإصر وعليكم الصبر . وفي حديث ابن عمر : من حلف على يمين فيها إصر والإصر : الذنب والثقل ، وجمعه آصار . والإصار : الطنب ، وجمعه أصر ، على فعل . والإصار : وتد قصير الأطناب ، والجمع أصر وآصرة ، وكذا الإصارة والآصرة والأيصر : حبيل صغير قصير يشد به أسفل الخباء إلى وتد ، وفيه لغة أصار ، وجمع الأيصر أياصر . والآصرة والإصار : القد يضم عضدي الرجل ، والسين فيه لغة ; وقوله أنشده ثعلب عن ابن الأعرابي :


                                                          لعمرك لا أدنوا لوصل دنية     ولا أتصبى آصرات خليل

                                                          فسره فقال : لا أرضى من الود بالضعيف ، ولم يفسر الآصرة . قال ابن سيده : وعندي أنه إنما عنى بالآصرة الحبل الصغير الذي يشد به أسفل الخباء ، فيقول : لا أتعرض لتلك المواضع أبتغي زوجة خليلي ونحو ذلك ، وقد يجوز أن يعرض به : لا أتعرض لمن كان من قرابة خليلي كعمته وخالته وما أشبه ذلك . الأحمر : وهو جاري مكاسري ومؤاصري أي كسر بيته إلى جنب كسر بيتي ، وإصار بيتي إلى جنب إصار بيته ، وهو الطنب . وحي متآصرون أي متجاورون . ابن الأعرابي : الإصران ثقبا الأذنين وأنشد :


                                                          إن الأحيمر ، حين أرجو رفده     غمرا ، لأقطع سيء الإصران

                                                          جمع على فعلان . قال : الأقطع الأصم ، والإصران جمع إصر . والإصار : ما حواه المحش من الحشيش ; قال الأعشى :


                                                          فهذا يعد لهن الخلا     ويجمع ذا بينهن الإصارا

                                                          والأيصر : كالإصار ; قال :


                                                          تذكرت الخيل الشعير فأجفلت     وكنا أناسا يعلفون الأياصرا

                                                          ورواه بعضهم : الشعير عشية . والإصار : كساء يحش فيه . وأصر الشيء يأصره أصرا : حبسه ; قال ابن الرقاع :


                                                          عيرانة ما تشكى الأصر والعملا

                                                          وكلأ آصر : حابس لمن فيه أو ينتهي إليه من كثرته . الكسائي : أصرني الشيء يأصرني أي حبسني . وأصرت الرجل على ذلك الأمر أي حبسته . ابن الأعرابي : أصرته عن حاجته وعما أردته أي حبسته ، والموضع مأصر ومأصر ، والجمع مآصر ، والعامة تقول معاصر . وشعر أصير : ملتف مجتمع كثير الأصل ; قال الراعي :


                                                          ولأتركن بحاجبيك علامة     ثبتت على شعر ألف أصير

                                                          ، وكذلك الهدب ، وقيل : هو الطويل الكثيف ; قال :


                                                          لكل منامة هدب أصير

                                                          المنامة هنا : القطيفة ينام فيها . والإصار والأيصر : الحشيش المجتمع ، وجمعه أياصر . والأصير : المتقارب . وأتصر النبت ائتصارا إذا التف . وإنهم لمؤتصرو العدد أي عددهم كثير ; قال سلمة بن الخرشب يصف الخيل :


                                                          يسدون أبواب القباب بضمر     إلى عنن ، مستوثقات الأواصر

                                                          يريد : خيلا ربطت بأفنيتهم . والعنن : كنف سترت بها الخيل من الريح والبرد . والأواصر : الأواخي والأواري واحدتها آصرة ، وقال آخر :


                                                          لها بالصيف آصرة وجل     وست من كرائمها غرار

                                                          وفي كتاب أبي زيد : الأياصر الأكسية التي ملئوها من الكلأ وشدوها . واحدها أيصر . وقال : محش لا يجز أيصره أي من كثرته . قال الأصمعي : الأيصر كساء فيه حشيش يقال له الأيصر ولا يسمى الكساء أيصرا حين لا يكون فيه الحشيش ، ولا يسمى ذلك الحشيش أيصرا حتى يكون في ذلك الكساء . ويقال : لفلان محش لا يجز أيصره أي لا يقطع . والمأصر : محبس يمد على طريق أو نهر [ ص: 114 ] يؤصر به السفن والسابلة أي يحبس لتؤخذ منهم العشور .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية