الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة والتعوذ منه وجواز العمل القليل في الصلاة

                                                                                                                541 حدثنا إسحق بن إبراهيم وإسحق بن منصور قالا أخبرنا النضر بن شميل أخبرنا شعبة حدثنا محمد وهو ابن زياد قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عفريتا من الجن جعل يفتك علي البارحة ليقطع علي الصلاة وإن الله أمكنني منه فذعته فلقد هممت أن أربطه إلى جنب سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا تنظرون إليه أجمعون أو كلكم ثم ذكرت قول أخي سليمان رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي فرده الله خاسئا وقال ابن منصور شعبة عن محمد بن زياد ح حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد هو ابن جعفر قال ح وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا شبابة كلاهما عن شعبة في هذا الإسناد وليس في حديث ابن جعفر قوله فذعته وأما ابن أبي شيبة فقال في روايته فدعته

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( إن عفريتا من الجن جعل يفتك علي البارحة ليقطع علي صلاتي ) هكذا هو في مسلم ( يفتك ) وفي رواية البخاري : ( تفلت ) وهما صحيحان . والفتك : الأخذ في غفلة وخديعة . والعفريت : العاتي المارد من الجن .

                                                                                                                [ ص: 197 ] قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فذعته ) هو بذال معجمة وتخفيف العين المهملة ، أي خنقته . قال مسلم وفي رواية أبي بكر بن أبي شيبة ( فدعته ) يعني بالدال المهملة ، وهو صحيح أيضا ، ومعناه دفعته شديدا . والدعت والدع : الدفع الشديد ، وأنكر الخطابي المهملة ، وقال : لا تصح ، وصححها غيره وصوبوها ، وإن كانت المعجمة أوضح وأشهر . وفيه : دليل على جواز العمل القليل في الصلاة .

                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فلقد هممت أن أربطه حتى تصبحوا تنظرون إليه أجمعون أو كلكم ) فيه دليل على أن الجن موجودون ، وأنهم قد يراهم بعض الآدميين . وأما قول الله تعالى : إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم - صلى الله عليه وسلم - فمحمول على الغالب ، فلو كانت رؤيتهم محالا لما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما قال من رؤيته إياه ، ومن أنه كان يربطه لينظروا كلهم إليه ، ويلعب به ولدان أهل المدينة . قال القاضي : وقيل : إن رؤيتهم على خلقهم وصورهم الأصلية ممتنعة ؛ لظاهر الآية إلا للأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، ومن خرقت له العادة ، وإنما يراهم بنو آدم في صور غير صورهم ، كما جاء في الآثار .

                                                                                                                قلت : هذه دعوى مجردة فإن لم يصح لها مستند فهي مردودة . قال الإمام أبو عبد الله المازري : الجن أجسام لطيفة روحانية فيحتمل أنه تصور بصورة يمكن ربطه معها ، ثم يمتنع من أن يعود إلى ما كان عليه حتى يتأتى اللعب به ، وإن خرقت العادة أمكن غير ذلك .

                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ثم ذكرت قول أخي سليمان صلاة الله وسلامه عليه ) قال القاضي : معناه أنه مختص بهذا فامتنع نبينا - صلى الله عليه وسلم - من ربطه ، إما أنه لم يقدر عليه لذلك ، وإما لكونه لما تذكر ذلك لم يتعاط ذلك لظنه أنه لم يقدر عليه أو تواضعا وتأدبا .

                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فرده الله خاسئا ) أي ذليلا صاغرا مطرودا مبعدا .

                                                                                                                [ ص: 198 ] قوله : ( وقال ابن منصور : شعبة عن محمد بن زياد ) يعني قال إسحاق بن منصور في روايته : حدثنا النضر قال : أخبرنا شعبة عن محمد بن زياد ، فخالف رواية رفيقه إسحاق بن إبراهيم السابقة في شيئين : أحدهما : أنه قال : شعبة عن محمد بن زياد ، وقال ابن إبراهيم شعبة قال : أخبرنا محمد . والثاني أنه قال : محمد بن زياد ، وفي رواية ابن إبراهيم محمد وهو ابن زياد .




                                                                                                                الخدمات العلمية