الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الباب الخامس في المتعة .

                                                                                                                                                                        هي اسم للمال الذي يدفعه الرجل إلى امرأته لمفارقته إياها ، والفرقة ضربان .

                                                                                                                                                                        فرقة تحصل بالموت ، فلا توجب متعة بالإجماع ، وفرقة تحصل في الحياة كالطلاق . فإن كان قبل الدخول ، نظر ، إن لم يشطر المهر ، فلها المتعة ، وإلا فلا على المشهور .

                                                                                                                                                                        وإن كان بعد الدخول ، فلها المتعة على الجديد الأظهر . وكل فرقة من الزوج لا بسبب فيها ، أو من أجنبي ، فكالطلاق ، مثل إن ارتد أو أسلم أو لاعن ، أو أسلم على أكثر من أربع نسوة وفارق بعضهن ، أو وطئ أبوه أو ابنه زوجته بشبهة ، أو أرضعت أمه أو بنته زوجته الصغيرة ، والخلع كالطلاق على الصحيح .

                                                                                                                                                                        ولو فوض الطلاق إليها فطلقت فكتطليقه . ولو علق الطلاق بفعلها ، ففعلت ، أو آلى منها ، ثم طلق بعد المدة بطلبها ، فكالطلاق على الصحيح .

                                                                                                                                                                        قلت : ويجيء هذا الوجه في تطليقها . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        [ ص: 322 ] ولو ارتدا معا ، فلا متعة على الأصح . وكل فرقة منها أو لسبب فيها ، لا متعة فيها ، كردتها وإسلامها ، وفسخها بإعساره ، أو عتقها ، أو تغريره ، أو عيبه ، أو فسخه بعيبها .

                                                                                                                                                                        ونقل المزني إثبات المتعة إذا فسخت بالتعيين ، فجعله بعضهم قولا آخر ، وأنكره الجمهور .

                                                                                                                                                                        ولو كانت ذمية صغيرة تحت ذمي ، فأسلم أحد أبويها وانفسخ النكاح ، فلا متعة كما لو أسلمت بنفسها . ولو اشترى زوجته ، فلا متعة على الأظهر .

                                                                                                                                                                        وقال أبو إسحاق : إن استدعاه الزوج ، وجب ، وإن استدعاه السيد فلا .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        يسوى في المتعة ، المسلم ، والذمي ، والحر ، والعبد ، والحرة ، والذمية ، وهي في كسب العبد ، ولسيد الأمة كالمهر .

                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        المستحب أن يمتعها ثلاثين درهما ، نص عليه في " المختصر " . وفي القديم : ثوبا قيمته ثلاثون درهما . وفي نص آخر : يمتعها خادما ، وإلا فمقنعة ، وإلا فبقدر ثلاثين درهما ، وليس هو اختلافا ، بل نزلها الأصحاب على درجات الاستحباب وقالوا : أقل المستحب ثلاثون درهما . وفي نص آخر : يمتعها بخادم إن كان موسرا ، وبمقنعة إن كان معسرا .

                                                                                                                                                                        وإن كان متوسطا ، فبقدر ثلاثين درهما . وأما الواجب ، فإن تراضيا بشيء ، فذاك . وحكى الحناطي وجها : أنه ينبغي أن يحلل كل منهما [ ص: 323 ] صاحبه . فإن لم يفعلا ، لم يبرأ الزوج ، ولها رفع الأمر إلى القاضي ليقدرها . والصحيح الأول . وإن تنازعا ، فهل يكفي أقل ما يتمول ، أم يقدره الحاكم باجتهاده ؟ وجهان .

                                                                                                                                                                        الصحيح الثاني . وهل يعتبر بحاله ، أم بحالها ، أم بحالهما ؟ فيه أوجه . أصحها : الثالث ، وهو ظاهر نصه في المختصر .

                                                                                                                                                                        وهل يجوز أن تزاد المتعة على نصف مهرها ، أم يشترط أن لا تزيد ، أم يشترط أن لا تبلغ نصفه ؟ فيه أوجه . أصحها : الأول ، لإطلاق الآية ، وبهذا قطع البغوي وغيره .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية