الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال وكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين

                                                                                                                557 أخبرني عمرو الناقد وزهير بن حرب وأبو بكر بن أبي شيبة قالوا حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء ، وفي رواية : إذا قرب العشاء وحضرت الصلاة فابدءوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم وفي رواية : إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء ولا يعجلن حتى يفرغ منه ، وفي رواية : لا صلاة بحضرة طعام ، ولا وهو يدافعه الأخبثان في هذه الأحاديث كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد [ ص: 209 ] أكله ، لما فيه من اشتغال القلب به ، وذهاب كمال الخشوع ، وكراهتها مع مدافعة الأخبثين وهما : البول والغائط ، ويلحق بهذا ما كان في معناه يشغل القلب ويذهب كمال الخشوع ، وهذه الكراهة عند جمهور أصحابنا وغيرهم إذا صلى كذلك وفي الوقت سعة ، فإذا ضاق بحيث لو أكل أو تطهر خرج وقت الصلاة صلى على حاله محافظة على حرمة الوقت ، ولا يجوز تأخيرها . وحكى أبو سعد المتولي من أصحابنا وجها لبعض أصحابنا أنه لا يصلي بحاله ، بل يأكل ويتوضأ وإن خرج الوقت ؛ لأن مقصود الصلاة الخشوع فلا يفوته ، وإذا صلى على حاله وفي الوقت سعة فقد ارتكب المكروه وصلاته صحيحة عندنا وعند الجمهور ، لكن يستحب إعادتها ولا يجب .

                                                                                                                ونقل القاضي عياض عن أهل الظاهر أنها باطلة . وفي الرواية الثانية : دليل على امتداد وقت المغرب ، وفيه خلاف بين العلماء ، وفي مذهبنا سنوضحه في أبواب الأوقات إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ولا يعجلن حتى يفرغ منه ) دليل على أنه يأكل حاجته من الأكل بكماله ، وهذا هو الصواب . وأما ما تأوله بعض أصحابنا على أنه يأكل لقما يكسر بها شدة الجوع فليس بصحيح ، وهذا الحديث صريح في إبطاله .




                                                                                                                الخدمات العلمية