الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب السهو في الصلاة والسجود له

                                                                                                                389 حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان فلبس عليه حتى لا يدري كم صلى فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس حدثني عمرو الناقد وزهير بن حرب قالا حدثنا سفيان وهو ابن عيينة قال ح وحدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن رمح عن الليث بن سعد كلاهما عن الزهري بهذا الإسناد نحوه

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قال الإمام أبو عبد الله المازري : في أحاديث الباب خمسة : حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فيمن شك فلم يدر كم صلى ، وفيه أنه يسجد سجدتين ، وثم يذكر موضعهما . وحديث أبي سعيد - رضي الله عنه - فيمن شك ، فيه : أنه يسجد سجدتين قبل أن يسلم . وحديث ابن مسعود - رضي الله عنه - وفيه : القيام إلى خامسة وأنه سجد بعد السلام . وحديث ذي اليدين ، وفيه السلام من اثنتين والمشي والكلام ، وأنه سجد بعد السلام . وحديث ابن بحينة ، وفيه : القيام من اثنتين والسجود قبل السلام .

                                                                                                                واختلف العلماء في كيفية الأخذ بهذه الأحاديث فقال داود : لا يقام عليها ، بل تستعمل في مواضعها على ما جاءت . قال أحمد - رحمه الله تعالى - بقول داود في هذه الصلوات خاصة وخالفه في غيرها ، وقال : يسجد فيما سواها قبل السلام لكل سهو ، وأما الذين قالوا بالقياس فاختلفوا ، فقال بعضهم : هو مخير في كل سهو ، إن شاء سجد بعد السلام ، وإن شاء قبله في الزيادة والنقص .

                                                                                                                وقال أبو حنيفة - رضي الله عنه - : الأصل هو السجود بعد السلام ، وتأول بعض الأحاديث عليه . وقال الشافعي - رحمه الله تعالى - : الأصل هو السجود قبل السلام ، ورد بقية الأحاديث إليه . وقال مالك - رحمه الله تعالى - : إن كان السهو زيادة سجد بعد السلام ، وإن كان نقصا فقبله . فأما الشافعي - رحمه الله تعالى - فيقول : قال في حديث أبي سعيد فإن كانت خامسة شفعها ، ونص على السجود قبل السلام مع تجويز الزيادة ، والمجوز كالموجود ، ويتأول حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - في القيام إلى خامسة والسجود بعد السلام على أنه - صلى الله عليه وسلم - قبله ما علم السهو إلا بعد السلام ، ولو علمه لسجد قبله ، ويتأول حديث ذي اليدين على أنها صلاة جرى فيها سهو فسها عن السجود قبل السلام ، فتداركه بعده . هذا كلام المازري ، وهو كلام حسن نفيس . وأقوى المذاهب هنا مذهب مالك - رحمه الله تعالى - ، ثم مذهب الشافعي ، وللشافعي - رحمه الله تعالى - قول كمذهب مالك - رحمه الله تعالى - يفعل بالتخيير ، وعلى القول بمذهب مالك - رحمه الله تعالى - لو اجتمع [ ص: 217 ] في صلاة سهوان : سهو بزيادة ، وسهو بنقص سجد قبل السلام . قال القاضي عياض - رحمه الله تعالى - وجماعة من أصحابنا : ولا خلاف بين هؤلاء المختلفين وغيرهم من العلماء أنه لو سجد قبل السلام أو بعده للزيادة أو النقص أنه يجزئه ولا تفسد صلاته ، وإنما اختلافهم في الأفضل . والله أعلم . قال الجمهور : لو سها سهوين فأكثر كفاه سجدتان للجميع ، وبهذا قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة وأحمد - رضوان الله عليهم - وجمهور التابعين ، وعن ابن أبي ليلى - رحمه الله تعالى - لكل سهو سجدتان ، وفيه : حديث ضعيف .

                                                                                                                قوله : ( جاءه الشيطان فلبس ) هو بتخفيف الباء أي خلط عليه صلاته وهوشها عليه ، وشككه فيها .




                                                                                                                الخدمات العلمية