الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ أصل ]

                                                          أصل : الأصل : أسفل كل شيء وجمعه أصول لا يكسر على غير ذلك ، وهو اليأصول . يقال : أصل مؤصل ; واستعمل ابن جني [ ص: 115 ] الأصلية موضع التأصل فقال : الألف وإن كانت في أكثر أحوالها بدلا أوزائدة فإنها إذا كانت بدلا من أصل جرت في الأصلية مجراه وهذا لم تنطق به العرب إنما هو شيء استعملته الأوائل في بعض كلامها . وأصل الشيء : صار ذا أصل ، قال أمية الهذلي :


                                                          وما الشغل إلا أنني متهيب لعرضك ما لم تجعل الشيء يأصل

                                                          ، وكذلك تأصل . ويقال : استأصلت هذه الشجرة أي ثبت أصلها . واستأصل الله بني فلان إذا لم يدع لهم أصلا . واستأصله أي قلعه من أصله . وفي حديث الأضحية : أنه نهى عن المستأصلة ; هي التي أخذ قرنها من أصله ، وقيل : هو من الأصيلة بمعنى الهلاك . واستأصل القوم : قطع : أصلهم . واستأصل الله شأفته : وهي قرحة تخرج بالقدم فتكوى فتذهب ، فدعا الله أن يذهب ذلك عنه . وقطع أصيل : مستأصل . وأصل الشيء : قتله علما فعرف أصله . ويقال : إن النخل بأرضنا لأصيل أي هو به لا يزال ولا يفنى . ورجل أصيل : له أصل . ورأي أصيل : له أصل . ورجل أصيل : ثابت الرأي عاقل . وقد أصل أصالة ، مثل ضخم ضخامة ، وفلان أصيل الرأي وقد أصل رأيه أصالة ، وإنه لأصيل الرأي والعقل . ومجد أصيل أي ذو أصالة . ابن السكيت : جاءوا بأصيلتهم أي بأجمعهم . والأصيل : العشي ، والجمع أصل وأصلان مثل بعير وبعران وآصال وأصائل كأنه جمع أصيلة ; قال أبو ذؤيب الهذلي :


                                                          لعمري ! لأنت البيت أكرم أهله     وأقعد في أفيائه بالأصائل

                                                          ، وقال الزجاج : آصال جمع أصل ، فهو على هذا جمع الجمع ، ويجوز أن يكون أصل واحدا كطنب ; أنشد ثعلب :


                                                          فتمذرت نفسي لذاك ولم أزل     بدلا نهاري كله حتى الأصل

                                                          فقوله بدلا نهاري كله يدل على أن الأصل ههنا واحد ، وتصغيره أصيلان وأصيلال على البدل أبدلوا من النون لاما ; ومنه قول النابغة :


                                                          وقفت فيها أصيلالا أسائلها     عيت جوابا وما بالربع من أحد

                                                          ، قال السيرافي : إن كان أصيلان تصغير أصلان وأصلان جمع أصيل فتصغيره نادر ، لأنه إنما يصغر من الجمع ما كان على بناء أدنى العدد ، وأبنية أدنى العدد أربعة : أفعال وأفعل وأفعلة وفعلة ، وليست أصلان واحدة منها فوجب أن يحكم عليه بالشذوذ ، وإن كان أصلان واحدا كرمان وقربان فتصغيره على بابه ; وأما قول دهبل :


                                                          إني الذي أعمل أخفاف المطي     حتى أناخ عند باب الحميري
                                                          فأعطي الحلق أصيلال العشي

                                                          ، قال ابن سيده : عندي أنه من إضافة الشيء إلى نفسه ، إذ الأصيل والعشي سواء لا فائدة في أحدهما إلا ما في الآخر . وآصلنا : دخلنا في الأصيل . ولقيته أصيلالا وأصيلانا إذا لقيته بالعشي ، ولقيته مؤصلا . والأصيل : الهلاك ; قال أوس :


                                                          خافوا الأصيل وقد أعيت ملوكهم     وحملوا من أذى غرم بأثقال

                                                          وأتينا مؤصلين . وقولهم لا أصل له ولا فصل ; الأصل : الحسب ، والفصل اللسان . والأصيل : الوقت بعد العصر إلى المغرب . والأصلة : حية قصيرة كالرئة حمراء ليست بشديدة الحمرة لها رجل واحدة تقوم عليها وتساور الإنسان وتنفخ فلا تصيب شيئا بنفختها إلا أهلكته ، وقيل : هي مثل الرحى مستديرة حمراء لا تمس شجرة ولا عودا إلا سمته ، ليست بالشديدة الحمرة لها قائمة تخط بها في الأرض وتطحن طحن الرحى ، وقيل : الأصلة حية صغيرة تكون في الرمال لونها كلون الرئة ولها رجل واحدة تقف عليها تثب إلى الإنسان ولا تصيب شيئا إلا هلك ، وقيل : الأصلة الحية العظيمة ، وجمعها أصل ; وفي الصحاح : الأصلة ، بالتحريك ، جنس من الحيات وهو أخبثها . وفي الحديث وفي ذكر الدجال : أعور جعد كأن رأسه أصلة ، بفتح الهمزة والصاد ; قال ابن الأنباري : الأصلة الأفعى ، وقيل : حية ضخمة عظيمة قصيرة الجسم تثب على الفارس فتقتله فشبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأس الدجال بها لعظمه واستدارته ، وفي الأصلة مع عظمها استدارة ; وأنشد :


                                                          يا رب إن كان يزيد قد أكل     لحم الصديق عللا بعد نهل
                                                          ودب بالشر دبيبا ونشل     فاقدر له أصلة من الأصل
                                                          كبساء كالقرصة أو خف الجمل     لها سحيف وفحيح وزجل

                                                          السحيف : صوت جلدها ، والفحيح من فمها ، والكبساء : العظيمة الرأس ; ورجل أكبس وكباس ، والعرب تشبه الرأس الصغير الكثير الحركة برأس الحية ، قال طرفة :


                                                          خشاش كرأس الحية المتوقد

                                                          وأخذ الشيء بأصلته وأصيلته أي بجميعه لم يدع منه شيئا ; والأول عن ابن الأعرابي : وأصل الماء يأصل أصلا كأسن إذا تغير طعمه وريحه من حمأة فيه . ويقال : إني لأجد من ماء حبكم طعم أصل . وأصيلة الرجل : جميع ماله . ويقال : أصل فلان يفعل كذا وكذا كقولك طفق وعلق .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية