الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الباب الرابع في الاستثناء

                                                                                                                                                                        الاستثناء صحيح معهود ، وفي القرآن والسنة موجود ، فإذا قال : أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين ، طلقت طلقة . ويشترط لصحته شيئان ، أحدهما : أن يكون متصلا باللفظ ، فإن انفصل ، فهو لغو ، وسكتة التنفس والعي لا تمنع الاتصال . قال الإمام : والاتصال المشروط هنا أبلغ مما يشترط بين الإيجاب والقبول ، لأنه يحتمل بين كلام الشخصين ما لا يحتمل بين كلام شخص واحد ، ولذلك لا ينقطع الإيجاب والقبول بتخلل كلام يسير على الأصح ، وينقطع الاستثناء بذلك على الصحيح . وهل يشترط اقتران الاستثناء بأول اللفظ ؟ وجهان . أحدهما : لا ، بل لو بدا له الاستثناء بعد تمام المستثنى منه فاستثنى ، حكم بصحة الاستثناء ، وحكى الشيخ أبو محمد هذا الوجه عن الأستاذ أبي إسحاق ، وأصحهما وادعى أبو بكر الفارسي الإجماع عليه : أنه لا يعمل بالاستثناء حتى يتصل بأول الكلام .

                                                                                                                                                                        قلت : الأصح ، وجه ثالث ، وهو صحة الاستثناء بشرط وجود النية قبل فراغ اليمين وإن لم يقارن أولها . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        [ ص: 92 ] ثم ما ذكرناه من اتصال اللفظ واقتران القصد بأول الكلام ، يجري في الاستثناء ب " إلا " وأخواتها ، وفي التعليق بمشيئة الله تعالى ، وفي سائر التعليقات الشرط الثاني ، أن لا يكون الاستثناء مستغرقا ، فإن استغرق ، فهو باطل ويقع الجميع .

                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        الاستثناء ضربان . أحدهما : استثناء ب " إلا " وأخواتها ، والثاني : تعليق الطلاق والعتاق ، وغيرهما بمشيئة الله تعالى ، قال الإمام : ولا يبعد عن اللغة تسمية كل تعليق استثناء ، لأن قول القائل : أنت طالق ، يقتضي وقوع الطلاق بغير قيد ، فإذا علقه بشرط ، فقد ثناه عن مقتضى إطلاقه ، كما أن قوله : أنت طالق ثلاثا إلا طلقة ، يثني اللفظ عن مقتضاه ، إلا أنه اشتهر في عرف أهل الشرع تسمية التعليق بمشيئة الله تعالى خاصة استثناء .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية