الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 283 ] ثم دخلت سنة خمس وخمسين وثلاثمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في عاشر المحرم عملت الروافض ببغداد بدعتهم الشنعاء وفتنتهم الصلعاء . وفيها أخذت القرامطة الهجريون عمان .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها قصدت الروم آمد فحاصروها ، فلم يقدروا عليها ، ولكن قتلوا من أهلها ثلاثمائة وأسروا منهم أربعمائة ، ثم ساروا إلى نصيبين وفيها سيف الدولة ، فهم بالهرب مع العرب ، ثم تأخر مجيء الروم ، فثبت مكانه ، وقد كادوا يزيلون أركانه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها وردت طائفة من جيش خراسان في بضعة عشر ألفا ، يظهرون أنهم يريدون غزو الروم ، فأكرمهم ركن الدولة بن بويه ، وأمنوا إليهم ، فنهضوا إليهم ، ليأخذوا الديلم على غرة ، فقاتلهم ركن الدولة ، فظفر بهم - لأن البغي مصرعة - وهرب أكثرهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها خرج معز الدولة من بغداد إلى واسط لقتال عمران بن شاهين حين تفاقم الحال بأمره ، واشتهر في تلك النواحي صيت ذكره ، فقوي المرض بمعز الدولة ، فاستناب على الحرب ، ورجع إلى بغداد فكانت وفاته في السنة الآتية [ ص: 284 ] كما سنذكره إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها قوي أمر أبي عبد الله بن الداعي ببلاد الديلم ، وأظهر النسك والعبادة ، ولبس الصوف ، وكتب إلى الآفاق - حتى إلى بغداد - يدعو إلى الجهاد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها تم الفداء بين سيف الدولة وبين الروم ، فاستنقذ منهم أسارى كثيرة ، منهم ابن عمه أبو فراس بن سعيد بن حمدان ، وأبو الهيثم بن حصن القاضي ، وذلك في رجب منها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي جمادى الآخرة نودي برفع المواريث الحشرية ، وأن ترد إلى ذوي الأرحام .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها ابتدأ معز الدولة بن بويه في بناء مارستان ، وأرصد له أوقافا جزيلة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها قطعت بنو سليم السابلة على الحجيج من أهل الشام ومصر والمغرب ، وأخذوا منهم عشرين ألف بعير بأحمالها ، وكان عليها من الأموال والأمتعة ما لا يقوم كثرة ، وكان لرجل يقال له : ابن الخواتيمي ، قاضي طرسوس مائة ألف دينار وعشرين ألف دينار عينا ، وذلك أنه أراد التحول من بلاد الشام إلى العراق بعد الحج ، وكذلك وقع لكثير من الناس ، وحين أخذت الجمال تركوهم على برد الديار لا شيء لهم ، فقل منهم من سلم ، وما أكثر من عطب ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحج بالناس في هذه السنة الشريف أبو أحمد نقيب الطالبيين من ناحية العراق .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية