الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فصل ) ( 4035 الدلالة ) بفتح الدال - على الأفصح - مصدر دل يدل دلالة ( وهي ) أي الدلالة المرادة هنا ( ما ) يعني التي ( يلزم من فهم شيء ) أي شيء كان ( فهم ) شيء ( آخر ) يعني كون الشيء يلزم من فهمه فهم شيء آخر . فالشيء الأول : هو الدال ، والشيء الثاني : هو المدلول . ( وهي ) أي الدلالة المطلقة ثلاثة أنواع .

الأول : ما دلالته ( وضعية ) كدلالة الأقدار على مقدوراتها ، ومنه دلالة السبب على المسبب ، كالدلوك على وجوب الصلاة ، وكدلالة المشروط على وجود الشرط ، كالصلاة على الطهارة ، وإلا لما صحت ( و ) النوع الثاني : ما دلالته ( عقلية ) كدلالة الأثر على المؤثر ، ومنه دلالة العالم على موجده ، وهو الله سبحانه وتعالى ( و ) النوع الثالث : ما دلالته ( لفظية ) أي مستندة إلى وجود اللفظ .

( و ) هذه ( اللفظية ) ثلاثة أقسام : ( طبيعية ) كدلالة : أح ، أح على وجع الصدر ( و ) القسم الثاني ( عقلية ) كدلالة الصوت على حياة صاحبه .

( و ) القسم الثالث ( وضعية ، وهذه ) الدلالة الوضعية التي هي أحد أقسام اللفظية ( كون اللفظ إذا أطلق فهم ) من إطلاقه ( ما وضع له ، وهي ) أي ودلالة اللفظ الوضعية ( على مسماه ) أي مسمى ذلك اللفظ ( مطابقة ) أي : دلالة مطابقة ، كدلالة الإنسان على الحيوان الناطق ، وإنما سميت هذه الدلالة مطابقة . لأن اللفظ موافق لتمام ما وضع له من قولهم : طابق النعل النعل إذا توافقتا . فاللفظ . موافق للمعنى ، لكونه موضوعا بإزائه ( وجزئه ) أي ودلالة اللفظ الوضعية على جزء مسماه ( تضمن ) أي دلالة تضمن ، كدلالة الإنسان على حيوان فقط ، أو على ناطق [ ص: 39 ] فقط ، سميت بذلك : لأن اللفظ دل على ما في ضمن المسمى ( ولازمه ) أي ودلالة اللفظ على لازم مسماه ( الخارج ) كدلالة الإنسان على كونه ضاحكا ، أو قابلا صنعة الكتابة ( التزام ) أي دلالة التزام ( وهي عليه ) أي ودلالة اللفظ على لازم مسماه الخارج عنه دلالة ( عقلية ) وكون دلالة المطابقة والتضمن لفظيتين ، ودلالة الالتزام عقلية ، هو الذي قدمه في التحرير ، واختاره الآمدي وابن الحاجب وابن مفلح وابن قاضي الجبل ، وقيل : الثلاث لفظية .

وحكاه في شرح التحرير عن الأكثر ، وقيل : المطابقة لفظية ، والتضمن والالتزام : عقليتان ( والمطابقة ) أي ودلالة المطابقة ( أعم ) من دلالة التضمن والالتزام ، لجواز كون المطابقة بسيطة ، لا تضمن فيها ، ولا لها لازم خارجي ( و ) قد ( يوجد معها تضمن بلا التزام ) بأن يكون اللفظ موضوعا لمعنى مركب ، ولا يكون له لازم خارجي ، فيوجد مع المطابقة دلالة تضمن بدون دلالة التزام ( وعكسه ) بأن يكون اللفظ موضوعا لمعنى بسيط وله لازم خارجي فيوجد مع المطابقة دلالة التزام بدون دلالة التضمن ( والتضمن ) أي ودلالة التضمن ( أخص ) من دلالة المطابقة ودلالة الالتزام . قال ابن مفلح : دلالة الالتزام مساوية لدلالة المطابقة ، وهما أعم من التضمن ، لجواز كون المدلول واللازم بسيطا لا جزء له ، انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية