الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حجب ]

                                                          حجب : الحجاب : الستر . حجب الشيء يحجبه حجبا وحجابا وحجبه : ستره . وقد احتجب وتحجب إذا اكتن من وراء حجاب . وامرأة محجوبة : قد سترت بستر . وحجاب الجوف : ما يحجب بين الفؤاد وسائره ؛ قال الأزهري : هي جلدة بين الفؤاد وسائر البطن . والحاجب : البواب ، صفة غالبة ، وجمعه حجبة وحجاب ، وخطته الحجابة . وحجبه : أي منعه عن الدخول . وفي الحديث : ( قالت بنو قصي : فينا الحجابة ) ، يعنون حجابة الكعبة ، وهي سدانتها ، وتولي حفظها ، وهم الذين بأيديهم مفاتيحها . والحجاب : اسم ما احتجب به ، وكل ما حال بين شيئين : حجاب ، والجمع حجب لا غير . وقوله تعالى : ومن بيننا وبينك حجاب معناه : ومن بيننا وبينك حاجز في النحلة والدين ؛ وهو مثل قوله تعالى : قلوبنا في أكنة إلا أن معنى هذا : أنا لا نوافقك في مذهب . واحتجب الملك عن الناس ، وملك محجب . والحجاب : لحمة رقيقة كأنها جلدة قد اعترضت مستبطنة بين الجنبين ، تحول بين السحر والقصب . وكل شيء منع شيئا ، فقد حجبه كما تحجب الإخوة الأم عن فريضتها ، فإن الإخوة يحجبون الأم عن الثلث إلى السدس . والحاجبان : العظمان اللذان فوق العينين بلحمهما وشعرهما ، صفة غالبة ، والجمع حواجب ؛ وقيل : الحاجب الشعر النابت على العظم ، سمي بذلك لأنه يحجب عن العين شعاع الشمس . قال اللحياني : هو مذكر لا غير ، وحكى : إنه لمزجج الحواجب ، كأنهم جعلوا كل جزء منه حاجبا . قال : وكذلك يقال في كل ذي حاجب . قال أبو زيد : في الجبين الحاجبان ، وهما منبت شعر الحاجبين من العظم . وحاجب الأمير : معروف ، وجمعه حجاب . وحجب الحاجب يحجب حجبا . والحجابة : ولاية الحاجب . واستحجبه : ولاه الحجبة . والمحجوب : الضرير . وحاجب الشمس : ناحية منها . قال :


                                                          تراءت لنا كالشمس ، تحت غمامة بدا حاجب منها وضنت بحاجب



                                                          وحواجب الشمس : نواحيها . الأزهري : حاجب الشمس : قرنها ، وهو ناحية من قرصها حين تبدأ في الطلوع ؛ يقال : بدا حاجب الشمس والقمر . وأنشد الأزهري للغنوي :


                                                          إذا ما غضبنا غضبة مضرية     هتكنا حجاب الشمس أو مطرت دما



                                                          قال : حجابها ضوءها هاهنا . وقوله في حديث الصلاة : ( حين توارت بالحجاب ) . الحجاب هاهنا : الأفق ؛ يريد : حين غابت الشمس في الأفق واستترت به ؛ ومنه قوله تعالى : حتى توارت بالحجاب . وحاجب كل شيء : حرفه . وذكر الأصمعي أن امرأة قدمت إلى رجل خبزة أو قرصة فجعل يأكل من وسطها ، فقالت له : كل من حواجبها أي من حروفها . والحجاب : ما أشرف من الجبل . وقال غيره : الحجاب : منقطع الحرة . قال أبو ذؤيب :


                                                          فشربن ثم سمعن حسا ، دونه     شرف الحجاب وريب قرع يقرع



                                                          وقيل : إنما يريد حجاب الصائد ؛ لأنه لا بد له أن يستتر بشيء . ويقال : احتجبت الحامل من يوم تاسعها ، وبيوم من تاسعها ، يقال ذلك للمرأة الحامل ، إذا مضى يوم من تاسعها ، يقولون : أصبحت محتجبة بيوم من تاسعها ، هذا كلام العرب . وفي حديث أبي ذر : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : ( إن الله يغفر للعبد ما لم يقع الحجاب . قيل : يا رسول الله وما الحجاب ؟ قال : أن تموت النفس ، وهي مشركة ) ، كأنها حجبت بالموت عن الإيمان . قال أبو عمرو وشمر : حديث أبي ذر يدل على أنه لا ذنب يحجب عن العبد الرحمة ، فيما دون الشرك . وقال ابن شميل ، في حديث ابن مسعود ، رضي الله عنه : من اطلع الحجاب واقع ما وراءه ، أي إذا مات الإنسان واقع ما وراء الحجابين حجاب الجنة وحجاب النار ؛ لأنهما قد خفيا . وقيل : اطلاع الحجاب : مد الرأس ؛ لأن المطالع يمد رأسه ينظر من وراء الحجاب ، وهو الستر . والحجبة ، بالتحريك : رأس الورك . والحجبتان : حرفا الورك اللذان يشرفان على الخاصرتين . قال طفيل :


                                                          ورادا وحوا مشرفا حجباتها [ ص: 37 ]     بنات حصان ، قد تعولم ، منجب



                                                          وقيل : الحجبتان : العظمان فوق العانة ، المشرفان على مراق البطن ، من يمين وشمال ؛ وقيل : الحجبتان : رءوس عظمي الوركين مما يلي الحرقفتين ، والجميع الحجب ، وثلاث حجبات . قال امرؤ القيس :


                                                          له حجبات مشرفات على الفال



                                                          وقال آخر :


                                                          ولم توقع ، بركوب ، حجبه



                                                          والحجبتان من الفرس : ما أشرف على صفاق البطن من وركيه . وحاجب : اسم . وقوس حاجب : هو حاجب بن زرارة التميمي . وحاجب الفيل : اسم شاعر من الشعراء . وقال الأزهري في ترجمة عتب : العتبة في الباب هي الأعلى ، والخشبة التي فوق الأعلى : الحاجب . والحجيب : موضع . قال الأفوه :


                                                          فلما أن رأونا في وغاها     كآساد الغريفة والحجيب



                                                          ويروى : واللهيب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية