الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حجل ]

                                                          حجل : الحجل : القبج . وقال ابن سيده : الحجل الذكور من القبج ، الواحدة حجلة وحجلان ، والحجلى اسم للجمع ، ولم يجئ الجمع على فعلى إلا حرفان : هذا والظربى جمع ظربان ، وهي دويبة منتنة الريح ؛ قال عبد الله بن الحجاج الثعلبي من بني ثعلبة بن سعد بن ذبيان يخاطب عبد الملك بن مروان ويعتذر إليه لأنه كان مع عبد الله بن الزبير :


                                                          فارحم أصيبيتي الذين كأنهم حجلى تدرج بالشربة ، وقع     أدنو لترحمني وتقبل توبتي
                                                          [ ص: 45 ] وأراك تدفعني ، فأين المدفع ؟



                                                          فقال عبد الملك : إلى النار ! الأزهري : سمعت بعض العرب يقول : قالت القطا للحجل : حجل حجل ، تفر في الجبل ، من خشية الوجل ، فقالت الحجل للقطا : قطا قطا ، بيضك ثنتا ، وبيضي مائتا . الأزهري : الحجل إناث اليعاقيب واليعاقيب ذكورها . وروى ابن شميل حديثا : ( أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : اللهم إني أدعو قريشا وقد جعلوا طعامي كطعام الحجل ) قال النضر : الحجل يأكل الحبة بعد الحبة لا يجد في الأكل ؛ قال الأزهري : أراد أنهم لا يجدون في إجابتي ولا يدخل منهم في دين الله إلا الخطيئة بعد الخطيئة يعني النادر القليل . وفي الحديث : ( فاصطادوا حجلا ) هو القبج . الأزهري : حجل الإبل صغار أولادها . ابن سيده : الحجل صغار الإبل وأولادها ؛ قال لبيد يصف الإبل بكثرة اللبن وأن رءوس أولادها صارت قرعا أي صلعا لكثرة ما يسيل عليها من لبنها وتتحلب أمهاتها عليها :


                                                          لها حجل قد قرعت من رءوسها     لها فوقها مما تولف واشل



                                                          قال ابن السكيت : استعار الحجل فجعلها صغار الإبل ؛ قال ابن بري : وجدت هذا البيت بخط الآمدي قرعت أي تقرعت كما يقال قدم بمعنى تقدم ، وخيل بمعنى تخيل ، ويدلك على صحته أن قولهم قرع الفصيل إنما معناه أزيل قرعه بجره على السبخة مثل مرضته ، فيكون عكس المعنى ؛ ومثله للجعدي :


                                                          لها حجل قرع الرءوس تحلبت     على هامه ، بالصيف ، حتى تمورا



                                                          قال ابن سيده : وربما أوقعوا ذلك على فتايا المعز . قال لقمان العادي يخدع ابني تقن بغنمه عن إبلهما : اشترياها يا ابني تقن ، إنها لمعزى حجل ، بأحقيها عجل ؛ يقول : إنها فتية كالحجل من الإبل ، وقوله بأحقيها عجل أي أن ضروعها تضرب إلى أحقيها فهي كالقرب المملوءة ؛ كل ذلك عن ابن الأعرابي ، قال : ورواه بعضهم أنها لمعزى حجل ، بكسر الحاء ، ولم يفسره ابن الأعرابي ولا ثعلب ؛ قال ابن سيده : وعندي أنهم إنما قالوا حجل ، فيمن رواه بالكسر ، إتباعا لعجل . والحجلة : مثل القبة . وحجلة العروس : معروفة وهي بيت يزين بالثياب والأسرة والستور ؛ قال أدهم بن الزعراء :


                                                          وبالحجل المقصور ، خلف ظهورنا     نواشئ كالغزلان نجل عيونها



                                                          وفي الحديث : ( كان خاتم النبوة مثل زر الحجلة ) بالتحريك ؛ هو بيت كالقبة يستر بالثياب ويكون له أزرار كبار ؛ ومنه حديث الاستئذان : ( ليس لبيوتهم ستور ولا حجال ) ومنه : ( أعروا النساء يلزمن الحجال ) والجمع حجل وحجال ؛ قال الفرزدق :


                                                          رقدن عليهن الحجال المسجف



                                                          قال الحجال وهم جماعة ، ثم قال المسجف فذكر لأن لفظ الحجال لفظ الواحد مثل الجراب والجداد ، ومثله قوله تعالى : قال من يحيي العظام وهي رميم ولم يقل رميمة . وحجل العروس : اتخذ لها حجلة ؛ وقوله أنشده ثعلب :


                                                          ورابغة ألا أحجل قدرنا     على لحمها ، حين الشتاء ، لنشبعا



                                                          فسره فقال : نسترها ونجعلها في حجلة أي إنا نطعمها الضيفان . الليث : الحجل والحجل القيد ، يفتح ويكسر . والحجل : مشي المقيد . وحجل يحجل حجلا إذا مشى في القيد . قال ابن سيده : وحجل المقيد يحجل ويحجل حجلا وحجلانا وحجل : نزا في مشيه وكذلك البعير العقير . الأزهري : الإنسان إذا رفع رجلا وتريث في مشيه على رجل فقد حجل . ونزوان الغراب : حجله . وفي الحديث : ( أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال لزيد : أنت مولانا فحجل ) الحجل : أن يرفع رجلا ويقفز على الأخرى من الفرح ، قال : ويكون بالرجلين جميعا إلا أنه قفز وليس بمشي . قال الأزهري : والحجلان مشية المقيد . يقال : حجل الطائر يحجل ويحجل حجلانا كما يحجل البعير العقير على ثلاث ، والغلام على رجل واحدة وعلى رجلين ؛ قال الشاعر :


                                                          فقد بهأت بالحاجلات إفالها     وسيف كريم لا يزال يصوعها



                                                          يقول : قد أنست صغار الإبل بالحاجلات وهي التي ضربت سوقها فمشت على بعض قوائمها ، وبسيف كريم لكثرة ما شاهدت ذلك لأنه يعرقبها . وفي حديث كعب : ( أجد في التوراة أن رجلا من قريش أوبش الثنايا يحجل في الفتنة ) قيل : أراد يتبختر في الفتنة . وفي الحديث في صفة الخيل : ( الأقرح المحجل ) قال ابن الأثير : هو الذي يرتفع البياض في قوائمه في موضع القيد ويجاوز الأرساغ ولا يجاوز الركبتين لأنها مواضع الأحجال وهي الخلاخيل والقيود ؛ ومنه الحديث : ( أمتي الغر المحجلون ) أي بيض مواضع الوضوء من الأيدي والوجه والأقدام ، استعار أثر الوضوء في الوجه واليدين والرجلين للإنسان من البياض الذي يكون في وجه الفرس ويديه ورجليه ؛ قال ابن سيده : وأما ما أنشده ابن الأعرابي من قول الشاعر :


                                                          وإني امرؤ لا تقشعر ذؤابتي     من الذئب يعوي والغراب المحجل



                                                          فإنه رواه بفتح الجيم كأنه من التحجيل في القوائم ، قال : وهذا بعيد لأن ذلك ليس بموجود في الغربان ، قال : والصواب عندي بكسر الجيم على أنه اسم الفاعل من حجل . وفي الحديث : ( إن المرأة الصالحة كالغراب الأعصم ) وهو الأبيض الرجلين أو الجناحين ، فإن كان ذهب إلى أن هذا موجود في النادر فرواية ابن الأعرابي صحيحة . والحجل والحجل جميعا : الخلخال لغتان والجمع أحجال وحجول . الأزهري : روى أبو عبيد عن أصحابه حجل ، بكسر الحاء قال : وما علمت أحدا أجاز الحجل غير ما قاله الليث ، قال : وهو غلط . وفي حديث علي قال له رجل : ( إن اللصوص أخذوا حجلي امرأتي ) أي خلخاليها . وحجلا القيد : حلقتاه ؛ قال عدي بن زيد العبادي :


                                                          أعاذل قد لاقيت ما يزغ الفتى     وطابقت في الحجلين مشي المقيد



                                                          [ ص: 46 ] والحجل : البياض نفسه ، والجمع أحجال ؛ ثعلب عن ابن الأعرابي أن المفضل أنشده :


                                                          إذا حجل المقرى يكون وفاؤه     تمام الذي تهوي إليه الموارد



                                                          قال : المقرى القدح الذي يقرى فيه ، وتحجيله أن تصب فيه لبينة قليلة قدر تحجيل الفرس ، ثم يوفى المقرى بالماء ، وذلك في الجدوبة وعوز اللبن . الأصمعي : إذا حجل المقرى أي ستر بالحجلة ضنا به ليشربوه هم . والتحجيل : بياض يكون في قوائم الفرس كلها ؛ قال :


                                                          ذو ميعة محجل القوائم



                                                          وقيل : هو أن يكون البياض في ثلاث منهن دون الأخرى في رجل ويدين ؛ قال :


                                                          تعادى من قوائمها ثلاث     بتحجيل ، وقائمة بهيم



                                                          ولهذا يقال محجل الثلاث مطلق يد أو رجل ، وهو أن يكون أيضا في رجلين وفي يد واحدة ؛ وقال :


                                                          محجل الرجلين منه واليد



                                                          أو يكون البياض في الرجلين دون اليدين ؛ قال :


                                                          ذو غرة محجل الرجلين     إلى وظيف ، ممسك اليدين



                                                          أو أن يكون البياض في إحدى رجليه دون الأخرى ودون اليدين ، ولا يكون التحجيل في اليدين خاصة إلا مع الرجلين ، ولا في يد واحدة دون الأخرى إلا مع الرجلين ، وقيل : التحجيل بياض قل أو كثر حتى يبلغ نصف الوظيف ، ولون سائره ما كان ، فإذا كان بياض التحجيل في قوائمه كلها قالوا محجل الأربع . الأزهري : تقول فرس محجل وفرس باد حجوله ؛ قال الأعشى :


                                                          تعالوا ، فإن العلم عند ذوي النهى     من الناس ، كالبلقاء باد حجولها



                                                          قال أبو عبيدة : المحجل من الخيل أن تكون قوائمه الأربع بيضا ، يبلغ البياض منها ثلث الوظيف أو نصفه أو ثلثيه بعد أن يتجاوز الأرساغ ولا يبلغ الركبتين والعرقوبين فيقال محجل القوائم ، فإذا بلغ البياض من التحجيل ركبة اليد وعرقوب الرجل فهو فرس مجبب ، فإن كان البياض برجليه دون اليد فهو محجل إن جاوز الأرساغ ، وإن كان البياض بيديه دون رجليه فهو أعصم ، فإن كان في ثلاث قوائم دون رجل أو دون يد فهو محجل الثلاث مطلق اليد أو الرجل ، ولا يكون التحجيل واقعا بيد ولا يدين إلا أن يكون معها أو معهما رجل أو رجلان ؛ قال الجوهري : التحجيل بياض في قوائم الفرس أو في ثلاث منها أو في رجليه قل أو كثر بعد أن يجاوز الأرساغ ولا يجاوز الركبتين والعرقوبين لأنها مواضع الأحجال ، وهي الخلاخيل والقيود . يقال : فرس محجل ، وقد حجلت قوائمه تحجيلا ، وإنها لذات أحجال ، فإن كان في الرجلين فهو محجل الرجلين ، وإن كان بإحدى رجليه وجاوز الأرساغ فهو محجل الرجل اليمنى أو اليسرى . فإن كان محجل يد ورجل من شق فهو ممسك الأيامن مطلق الأياسر ، أو ممسك الأياسر مطلق الأيامن ، وإن كان من خلاف قل أو كثر فهو مشكول . قال الأزهري : وأخذ تحجيل الخيل من الحجل وهو حلقة القيد جعل ذلك البياض في قوائمها بمنزلة القيود . ويقال : أحجل الرجل بعيره إحجالا إذا أطلق قيده من يده اليمنى وشده في الأخرى . وحجل فلان أمره تحجيلا إذا شهره ، ومنه قول الجعدي يهجو ليلى الأخيلية :


                                                          ألا حييا هندا وقولا لها : هلا     فقد ركبت أمرا أغر محجلا



                                                          والتحجيل والصليب : سمتان من سمات الإبل ؛ قال ذو الرمة يصف إبلا :


                                                          يلوح بها تحجيلها وصليبها

                                                          وقول الشاعر :


                                                          ألم تعلمي أنا إذا القدر حجلت     وألقي عن وجه الفتاة ستورها



                                                          حجلت القدر أي سترت كما تستر العروس فلا تبرز . والتحجيل : بياض في أخلاف الناقة من آثار الصرار . وضرع محجل : به تحجيل من أثر الصرار وقال أبو النجم :


                                                          عن ذي قراميص لها محجل



                                                          والحجلاء من الضأن : التي ابيضت أوظفتها وسائرها أسود تقول منه نعجة حجلاء . وحجلت عينه تحجل حجولا وحجلت ، كلاهما : غارت ، يكون ذلك في الإنسان والبعير والفرس ، قال ثعلبة بن عمرو :


                                                          فتصبح حاجلة عينه     لحنو استه وصلاه عيوب



                                                          وأنشد أبو عبيدة :


                                                          حواجل العيون كالقداح



                                                          وقال آخر في الإفراد دون الإضافة :


                                                          حواجل غائرة العيون



                                                          وحجلت المرأة بنانها إذا لونت خضابها . والحجيلاء : الماء الذي لا تصيبه الشمس . والحوجلة : القارورة الغليظة الأسفل ، وقيل : الحوجلة ما كان من القوارير شبه قوارير الذريرة وما كان واسع الرأس من صغارها شبه السكرجات ونحوها . الجوهري : الحوجلة قارورة صغيرة واسعة الرأس ؛ وأنشد العجاج :


                                                          كأن عينيه من الغؤور     قلتان أو حوجلتا قارور



                                                          قال ابن بري : الذي في رجز العجاج :


                                                          قلتان في لحدي صفا منقور     صفران ، أو حوجلتا قارور



                                                          وقيل : الحوجلة والحوجلة القارورة فقط ؛ عن كراع ، قال : ونظيره حوصلة وحوصلة وهي للطائر كالمعدة للإنسان . ودوخلة ودوخلة : وهي وعاء التمر ، وسوجلة وسوجلة : وهي غلاف القارورة ، [ ص: 47 ] وقوصرة وقوصرة : وهي غلاف القارورة أيضا ؛ وقوله :


                                                          كأن أعينها فيها الحواجيل



                                                          يجوز أن يكون ألحق الياء للضرورة ، ويجوز أن يكون جمع حوجلة ، بتشديد اللام ، فعوض الياء من إحدى اللامين . والحواجل : القوارير ، والسواجل غلفها ؛ وأنشد ابن الأنباري :


                                                          نهج ترى حوله بيض القطا قبصا     كأنه بالأفاحيص الحواجيل
                                                          حواجل ملئت زيتا مجردة     ليست عليهن من خوص سواجيل



                                                          القبص : الجماعات والقطع . والسواجيل : الغلف ، واحدها ساجول وسوجل . وتحجل : اسم فرس ، وهو في شعر لبيد :


                                                          تكاثر قرزل والجون فيها     وتحجل والنعامة والخبال



                                                          والحجيلاء : اسم موضع ؛ قال الشاعر :


                                                          فأشرب من ماء الحجيلاء شربة     يداوى بها ، قبل الممات عليل



                                                          قال ابن بري : ومن هذا الفصل الحجال السم ؛ قال الراجز :


                                                          جرعته الذيفان والحجالا



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية