الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حدب ]

                                                          حدب : الحدبة التي في الظهر . والحدب : خروج الظهر ، ودخول البطن والصدر . رجل أحدب وحدب ، الأخيرة عن سيبويه . واحدودب ظهره وقد حدب ظهره حدبا واحدودب وتحادب . قال العجير السلولي :


                                                          رأتني تحادبت الغداة ، ومن يكن فتى عام عام الماء فهو كبير



                                                          وأحدبه الله فهو أحدب ، بين الحدب . واسم العجزة : الحدبة ؛ واسم الموضع الحدبة أيضا . الأزهري : الحدبة ، محرك الحروف ، موضع الحدب في الظهر الناتئ ، فالحدب : دخول الصدر وخروج الظهر ، والقعس : دخول الظهر وخروج الصدر . وفي حديث قيلة : كانت لها ابنة حديباء ، هو تصغير حدباء . قال : والحدب ، بالتحريك : ما ارتفع وغلظ من الظهر ؛ قال : وقد يكون في الصدر . وقوله أنشده ثعلب :


                                                          ألم تسأل الربع القواء فينطق     وهل تخبرنك ، اليوم ، بيداء سملق ؟
                                                          فمختلف الأرواح ، بين سويقة     وأحدب ، كادت ، بعد عهدك تخلق



                                                          فسره فقال : يعني بالأحدب : النؤي لاحديدابه واعوجاجه ؛ وكادت : رجع إلى ذكر الدار . وحالة حدباء : لا يطمئن لها صاحبها ، كأن لها حدبة . قال :


                                                          وإني لشر الناس ، إن لم أبتهم     على آلة حدباء نابية الظهر



                                                          والحدب : حدور في صبب كحدب الريح والرمل . وفي التنزيل العزيز : وهم من كل حدب ينسلون . وفي حديث يأجوج ومأجوج : ( وهم من كل حدب ينسلون ) يريد : يظهرون من غليظ الأرض ومرتفعها . وقال الفراء : من كل حدب ينسلون ، من كل أكمة ، ومن كل موضع مرتفع ، والجمع أحداب وحداب . والحدب : الغلظ من الأرض في ارتفاع ، والجمع الحداب . والحدبة : ما أشرف من الأرض ، وغلظ وارتفع ، لا تكون الحدبة إلا في قف أو غلظ أرض ، وفي قصيد كعب بن زهير :


                                                          كل ابن أنثى ، وإن طالت سلامته     يوما على آلة حدباء محمول



                                                          يريد : على النعش ؛ وقيل : أراد بالآلة الحالة ، وبالحدباء الصعبة الشديدة . وفيها أيضا :


                                                          يوما تظل حداب الأرض يرفعها     من اللوامع ، تخليط وتزييل



                                                          وحدب الماء : موجه ؛ وقيل : هو تراكبه في جريه . الأزهري : حدب الماء : ما ارتفع من أمواجه . قال العجاج :


                                                          نسج الشمال حدب الغدير



                                                          وقال ابن الأعرابي : حدبه : كثرته وارتفاعه ؛ ويقال : حدب الغدير : تحرك الماء وأمواجه ، وحدب السيل : ارتفاعه . وقال الفرزدق :


                                                          غدا الحي من بين الأعيلم ، بعدما     جرى حدب البهمى وهاجت أعاصره



                                                          قال : حدب البهمى : ما تناثر منه ، فركب بعضه بعضا ، كحدب الرمل . واحدودب الرمل : احقوقف . وحدب الأمور : [ ص: 52 ] شواقها ، واحدتها حدباء . قال الراعي :


                                                          مروان أحزمها ، إذا نزلت به     حدب الأمور ، وخيرها مأمولا



                                                          وحدب فلان على فلان ، يحدب حدبا فهو حدب ، وتحدب : تعطف ، وحنا عليه . يقال : هو له كالوالد الحدب . وحدبت المرأة على ولدها ، وتحدبت : لم تزوج وأشبلت عليهم . وقال الأزهري : قال أبو عمرو : الحدأ مثل الحدب ؛ حدئت عليه حدأ ، وحدبت عليه حدبا أي أشفقت عليه ؛ ونحو ذلك قال أبو زيد في الحدأ والحدب . وفي حديث علي يصف أبا بكر ، رضي الله عنهما : وأحدبهم على المسلمين أي أعطفهم وأشفقهم ، من حدب عليه يحدب ، إذا عطف . والمتحدب : المتعلق بالشيء الملازم له . والحدباء : الدابة التي بدت حراقفها وعظم ظهرها ؛ وناقة حدباء : كذلك ، ويقال لها : حدباء حدبير وحدبار ، ويقال : هن حدب حدابير . الأزهري : وسنة حدباء : شديدة ، شبهت بالدابة الحدباء . وقال الأصمعي : الحدب والحدر : الأثر في الجلد ؛ وقال غيره : الحدر : السلع . قال الأزهري : وصوابه الجدر ، بالجيم ، الواحدة جدرة ، وهي السلعة والضواة . ووسيق أحدب : سريع . قال :


                                                          قربها ، ولم تكد ، تقرب     من أهل نيان ، وسيق أحدب



                                                          وقال النضر : وفي وظيفي الفرس عجايتاهما ، وهما عصبتان تحملان الرجل كلها ؛ قال : وأما أحدباهما ، فهما عرقان . قال وقال بعضهم : الأحدب ، في الذراع ، عرق مستبطن عظم الذراع . والأحدب : الشدة . وحدب الشتاء : شدة برده ؛ قال مزاحم العقيلي :


                                                          لم يدر ما حدب الشتاء ونقصه     ومضت صنابره ، ولم يتخدد



                                                          أراد : أنه كان يتعهده في الشتاء ، ويقوم عليه . والحداب : موضع . قال جرير :


                                                          لقد جردت ، يوم الحداب ، نساؤكم     فساءت مجاليها ، وقلت مهورها



                                                          قال أبو حنيفة : والحداب : جبال بالسراة ينزلها بنو شبابة ، قوم من فهم بن مالك . والحديبية : موضع ، وورد ذكرها في الحديث كثيرا ، وهي قرية قريبة من مكة ، سميت ببئر فيها ، وهي مخففة ، وكثير من المحدثين يشددونها . والحدبدبى : لعبة للنبيط . قال الشيخ ابن بري : وجدت حاشية مكتوبة ليست من أصل الكتاب ، وهي حدبدبى اسم لعبة ، وأنشد لسالم بن دارة ، يهجو مر بن رافع الفزاري :

                                                          حدبدبى حدبدبى يا صبيان     إن بني فزارة بن ذبيان
                                                          قد طرقت ناقتهم بإنسان     مشيأ أعجب بخلق الرحمن
                                                          غلبتم الناس بأكل الجردان     وسرق الجار ونيك البعران



                                                          التطريق : أن يخرج بعض الولد ، ويعسر انفصاله ، من قولهم قطاة مطرق إذا يبست البيضة في أسفلها . قال المثقب العبدي ، يذكر راحلة ركبها ، حتى أخذ عقباه في موضع ركابها مغرزا :


                                                          وقد تخذت رجلي ، إلى جنب غرزها     نسيفا كأفحوص القطاة المطرق



                                                          والجردان : ذكر الفرس . والمشيأ : القبيح المنظر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية