الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حدر ]

                                                          حدر : الأزهري : الحدر من كل شيء تحدره من علو إلى سفل ، والمطاوعة منه الانحدار . والحدور : اسم مقدار الماء في انحدار صببه ، وكذلك الحدور في سفح جبل وكل موضع منحدر . ويقال : وقعنا في حدور منكرة ، وهي الهبوط . قال الأزهري : ويقال له الحدراء بوزن الصفراء ؛ والحدور والهبوط ، وهو المكان ينحدر منه . والحدور ، بالضم : فعلك . ابن سيده : حدر الشيء يحدره ويحدره حدرا وحدورا فانحدر : حطه من علو إلى سفل . الأزهري : وكل شيء أرسلته إلى أسفل ، فقد حدرته حدرا وحدورا . قال : ولم أسمعه بالألف أحدرت ؛ قال : ومنه سميت القراءة السريعة الحدر لأن صاحبها يحدرها حدرا . والحدر ، مثل الصبب : وهو ما انحدر من الأرض . يقال : كأنما ينحط في حدر . والانحدار : الانهباط ، والموضع منحدر . والحدر : الإسراع في القراءة . قال : وأما الحدور فهو الموضع المنحدر . وهذا منحدر من الجبل ومنحدر ، أتبعوا الضمة كما قالوا : أنبيك وأنبوك ، وروى بعضهم منحدر . وحادورهما وأحدورهما : كحدورهما . وحدرت السفينة : أرسلتها إلى أسفل ، ولا يقال أحدرتها ؛ وحدر السفينة في الماء والمتاع يحدرهما حدرا ، وكذلك حدر القرآن والقراءة . الجوهري : وحدر في قراءته وفي أذانه حدرا أي أسرع . وفي حديث الأذان : ( إذا أذنت فترسل ، وإذا أقمت فاحدر ) أي أسرع . وهو من الحدور ضد الصعود ، يتعدى ولا يتعدى . وحدر الدمع يحدره حدرا وحدورا وحدره فانحدر وتحدر أي تنزل . وفي حديث الاستسقاء : ( رأيت المطر يتحادر على لحيته ) أي ينزل ويقطر ، وهو يتفاعل من الحدور . قال اللحياني : حدرت العين بالدمع تحدر وتحدر حدرا ، والاسم من كل ذلك الحدورة والحدورة والحادورة . وحدر اللثام عن حنكه : أماله . وحدر الدواء بطنه يحدره حدرا : مشاه ، واسم الدواء الحادور . الأزهري : الليث : الحادر الممتلئ لحما وشحما مع ترارة ، والفعل حدر حدارة . والحادر والحادرة : الغلام الممتلئ الشباب . الجوهري : والحادر من الرجال المجتمع الخلق ؛ عن الأصمعي . تقول منه : حدر بالضم ، يحدر حدرا . ابن سيده : وغلام حادر جميل صبيح . والحادر : السمين الغليظ ، والجمع حدرة ، وقد حدر يحدر وحدر وفتى حادر أي غليظ مجتمع ، وقد حدر يحدر حدارة ، والحادرة : الغليظة ؛ وفي ترجمة رنب قال أبو كاهل اليشكري يصف ناقته ويشبهها بالعقاب :


                                                          كأن رجلي على شعواء حادرة ظمياء ، قد بل من طل خوافيها



                                                          وفي حديث أم عطية : ولد لنا غلام أحدر شيء أي أسمن شيء وأغلظ ؛ ومنه حديث ابن عمر : كان عبد الله بن الحارث بن نوفل غلاما حادرا ، ومنه حديث أبرهة صاحب الفيل : كان رجلا قصيرا حادرا دحداحا . ورمح حادر : غليظ . والحوادر من كعوب الرماح : الغلاظ المستديرة . وجبل حادر : مرتفع . وحي حادر : مجتمع . وعدد حادر : كثير . وحبل حادر : شديد الفتل ؛ قال :


                                                          فما رويت حتى استبان سقاتها     قطوعا لمحبوك من الليف حادر



                                                          وحدر الوتر حدورة : غلظ واشتد ؛ وقال أبو حنيفة : إذا كان الوتر قويا ممتلئا قيل وتر حادر ؛ وأنشد :


                                                          أحب الصبي السوء من أجل أمه     وأبغضه من بغضها ، وهو حادر



                                                          وقد حدر حدورة . وناقة حادرة العينين إذا امتلأتا نقيا واستوتا وحسنتا ؛ قال الأعشى :


                                                          وعسير أدماء حادرة العي     ن خنوف عيرانة شملال



                                                          وكل ريان حسن الخلق : حادر . وعين حدرة بدرة : عظيمة ؛ وقيل : حادة النظر ؛ وقيل : حدرة واسعة ، وبدرة يبادر نظرها نظر الخيل ؛ عن ابن الأعرابي : وعين حدراء : حسنة ، وقد حدرت . الأزهري : الأصمعي : أما قولهم عين حدرة فمعناه مكتنزة صلبة وبدرة بالنظر ؛ قال امرؤ القيس :


                                                          وعين لها حدرة بدرة     شقت مآقيهما من أخر



                                                          الأزهري : الحدرة العين الواسعة الجاحظة ، والحدرة : جرم قرحة تخرج بجفن العين ؛ وقيل : بباطن جفن العين فترم وتغلظ ، وقد حدرت عينه حدرا ؛ وحدر جلده عن الضرب يحدر ويحدر حدرا وحدورا : غلظ وانتفخ وورم ؛ قال عمر بن أبي ربيعة :


                                                          لو دب ذر فوق ضاحي جلدها     لأبان من آثارهن حدورا



                                                          يعني الورم ؛ وأحدره الضرب وحدره يحدره . وفي حديث ابن عمر : أنه ضرب رجلا ثلاثين سوطا كلها يبضع ويحدر ؛ يعني السياط ، المعنى أن السياط بضعت جلده وأورمته ؛ قال الأصمعي : يبضع يعني يشق الجلد ، ويحدر يعني يورم ولا يشق ؛ قال : واختلف في إعرابه ؛ فقال بعضهم : يحدر إحدارا من أحدرت ؛ وقال بعضهم : يحدر حدورا من حدرت ؛ قال الأزهري : وأظنهما لغتين إذا جعلت الفعل للضرب ، فأما إذا كان الفعل للجلد أنه الذي يرم فإنهم يقولون : قد [ ص: 59 ] حدر جلده يحدر حدورا ، لا اختلاف فيه أعلمه . الجوهري : انحدر جلده تورم ، وحدر جلده حدرا وأحدر : ضرب . والحدر : الشق . والحدر : الورم بلا شق . يقال : حدر جلده وحدر زيد جلده . والحدر : النشز الغليظ من الأرض . وحدر الثوب يحدره حدرا ، وأحدره يحدره إحدارا : فتل أطراف هدبه وكفه كما يفعل بأطراف الأكسية . والحدرة : الفتلة من فتل الأكسية . وحدرتهم السنة تحدرهم : جاءت بهم إلى الحضر ؛ قال الحطيئة :


                                                          جاءت به من بلاد الطور ، تحدره     حصاء لم تترك ، دون العصا ، شذبا



                                                          الأزهري : حدرتهم السنة تحدرهم حدرا إذا حطتهم وجاءت بهم حدورا . والحدرة من الإبل : ما بين العشرة إلى الأربعين ، فإذا بلغت الستين فهي الصدعة . والحدرة من الإبل ، بالضم ، نحو الصرمة . ومال حوادر : مكتنزة ضخام . وعليه حدرة من غنم وحدرة أي قطعة ؛ عن اللحياني . وحيدار الحصى : ما استدار منه . وحيدرة : الأسد ؛ قال الأزهري : قال أبو العباس أحمد بن يحيى لم تختلف الرواة في أن هذه الأبيات لعلي بن أبي طالب ، رضوان الله عليه :


                                                          أنا الذي سمتني أمي الحيدره     كليث غابات غليظ القصره
                                                          أكيلكم بالسيف كيل السندره



                                                          وقال : السندرة الجرأة . ورجل سندر على فعنل إذا كان جريئا . والحيدرة : الأسد ؛ قال : والسندرة مكيال كبير ؛ وقال ابن الأعرابي : الحيدرة في الأسد مثل الملك في الناس ؛ قال أبو العباس : يعني لغلظ عنقه وقوة ساعديه ؛ ومنه غلام حادر إذا كان ممتلئ البدن شديد البطش ؛ قال : والياء والهاء زائدتان ، زاد ابن بري في الرجز قبل :


                                                          أكيلكم بالسيف كيل السندره     أضرب بالسيف رقاب الكفره



                                                          وقال : أراد بقوله : "

                                                          أنا الذي سمتني أمي الحيدره

                                                          " أنا الذي سمتني أمي أسدا ، فلم يمكنه ذكر الأسد لأجل القافية ، فعبر بحيدرة لأن أمه لم تسمه حيدرة ، وإنما سمته أسدا باسم أبيها لأنها فاطمة بنت أسد ، وكان أبو طالب غائبا حين ولدته وسمته أسدا ، فلما قدم كره أسدا وسماه عليا ، فلما رجز علي هذا الرجز يوم خيبر سمى نفسه بما سمته به أمه ؛ قلت : وهذا العذر من ابن بري لا يتم له إلا إن كان الرجز أكثر من هذه الأبيات ، ولم يكن أيضا ابتدأ بقوله : "

                                                          أنا الذي سمتني أمي الحيدره

                                                          " وإلا فإذا كان هذا البيت ابتداء الرجز وكان كثيرا أو قليلا كان ، رضي الله عنه ، مخيرا في إطلاق القوافي على أي حرف شاء مما يستقيم الوزن له به كقوله : " أنا الذي سمتني أمي الأسدا " أو أسدا ، وله في هذه القافية مجال واسع ، فنطقه بهذا الاسم على هذه القافية من غير قافية تقدمت يجب اتباعها ولا ضرورة صرفته إليه مما يدل على أنه سمي حيدرة . وقد قال ابن الأثير : وقيل بل سمته أمه حيدرة . والقصرة : أصل العنق . قال : وذكر أبو عمرو المطرز أن السندرة اسم امرأة ؛ وقال ابن قتيبة في تفسير الحديث : السندرة شجرة يعمل منها القسي والنبل ، فيحتمل أن تكون السندرة مكيالا يتخذ من هذه الشجرة كما سمي القوس نبعة باسم الشجرة ، ويحتمل أن تكون السندرة امرأة كانت تكيل كيلا وافيا . وحيدر وحيدرة : اسمان . والحويدرة : اسم شاعر وربما قالوا الحادرة . والحادور : القرط في الأذن ، وجمعه حوادير ؛ قال أبو النجم العجلي يصف امرأة :


                                                          خدبة الخلق على تخصيرها     بائنة المنكب من حادورها



                                                          أراد أنها ليست بوقصاء أي بعيدة المنكب من القرط لطول عنقها ، ولو كانت وقصاء لكانت قريبة المنكب منه . وخدبة الخلق على تخصيرها أي عظيمة العجز على دقة خصرها :


                                                          يزينها أزهر في سفورها     فضلها الخالق في تصويرها



                                                          الأزهر : الوجه . ورغيف حادر أي تام ؛ وقيل : هو الغليظ الحروف ؛ وأنشد :


                                                          كأنك حادرة المنكبي     ن رصعاء تستن في حائر



                                                          يعني ضفدعة ممتلئة المنكبين . الأزهري : وروى عبد الله بن مسعود أنه قرأ قول الله ، عز وجل : وإنا لجميع حاذرون بالدال وقال مؤدون في الكراع والسلاح ؛ قال الأزهري : والقراءة بالذال لا غير ، والدال شاذة لا تجوز عندي القراءة بها ، وقرأ عاصم وسائر القراء بالذال . ورجل حدرد : مستعجل . والحيدار من الحصى : ما صلب واكتنز ؛ ومنه قول تميم بن أبي مقبل :


                                                          يرمي النجاد بحيدار الحصى قمزا     في مشية سرح خلط أفانينا



                                                          وقال أبو زيد : رماه الله بالحيدرة أي بالهلكة . وحي ذو حدورة أي ذو اجتماع وكثرة . وروى الأزهري عن المؤرج : يقال حدروا حوله ويحدرون به إذا أطافوا به ؛ قال الأخطل :


                                                          ونفس المرء ترصدها المنايا     وتحدر حوله حتى يصارا



                                                          الأزهري : قال الليث : امرأة حدراء ورجل أحدر ؛ قال الفرزدق :


                                                          عزفت بأعشاش وما كدت تعزف     وأنكرت من حدراء ما كنت تعرف



                                                          قال : وقال بعضهم : الحدراء في نعت الفرس في حسنها خاصة . وفي الحديث : أن أبي بن خلف كان على بعير له وهو يقول : يا حدراها ؛ يريد : هل رأى أحد مثل هذا ؟ قال : ويجوز أن يريد يا حدراء الإبل ، فقصر ، وهي تأنيث الأحدر ، وهو الممتلئ الفخذ والعجز الدقيق الأعلى ، وأراد بالبعير هاهنا الناقة ، وهو يقع على الذكر والأنثى كالإنسان . وتحدر الشيء : إقباله ؛ وقد تحدر تحدرا ؛ قال الجعدي :


                                                          فلما ارعوت في السير قضين سيرها     تحدر أحوى ، يركب الدر ، مظلم



                                                          الأحوى : الليل . وتحدره : إقباله . وارعوت أي كفت . وفي ترجمة [ ص: 60 ] قلع : الانحدار والتقلع قريب بعضه من بعض ، أراد أنه كان يستعمل التثبت ولا يبين منه في هذه الحال استعجال ومبادرة شديدة . وحدراء : اسم امرأة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية